للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الظاهرية]

جاء في المحلى أن أداء الشهادة فرض على كل من علمها إلا أن يكون عليه حرج في ذلك لبعد مشقة أو لتضييع مال أو لضعف في جسمه فليفعلها فقط، قال الله عز وجل: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} (١) فهذا على عمومه إذا دعوا للشهادة أو دعوا لأدائها، ولا يجوز تخصيص شئ من ذلك بغير نص فيكون من فعل ذلك قائلا على الله تعالى ما لا علم له به (٢). وكل من سمع إنسانا بغير بحق لزيد عليه إخبارا صحيحا تاما لم يصله بما يبطله أو بأنه قد وهب أمرا كذا لفلان أو أنه أنكح زيدا أو أي شئ كان فسواء قال له: اشهد بهذا على أو أنا أشهدك أو لم يقل له شيئا من ذلك أو لم يخاطبه أصلا لكن خاطب غيره، أو قال له: لا تشهد على فلست أشهدك، كل ذلك سواء، وفرض عليه أن يشهد بكل ذلك وفرض على الحاكم قبول تلك الشهادة والحكم بها لأنه لم يأت قرآنا ولا سنة ولا قول من الصحابة رضى الله تعالى عنهم، ولا قياس بالفرق بين شئ من ذلك (٣).

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار نقلا عن الإمام يحيى والمذهب: أنه يجب تحمل الشهادة كفاية لقول الله عز وجل: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} (٤)، وكذا أداؤها، إذ تعم الآية تحملها وأداؤها، ولقوله عز وجل: {ومن يكتمها فإنه آثم قلبه} (٥)، ويجب الأداء على من تحملها لثبوت الحق بذلك، لا من سمع ولا بقصد التحمل إلا حيث خشى فوت الحق رعاية لحق المسلم، إذ ماله كدمه. وتجب في القطعى إلى من طلب لا الظن إلا إلى حاكم محق، وهو حق لمن تحملها له ولو كافرا، فيجب التكرار إن احتج إليه ليصل إلى حقه إذ هو المقصود، ويجب قطع المسافة لذلك وإن بعدت، قال المؤيد بالله إلا لشرط، إذ أسقط من هي له حقه بالشرط. قلت: إلا أن يخشى فوت الحق إلا أن يخاف من أدائها ضررا فله الترك كسائر الواجبات، والمذهب على أنه سواء خشى على بدن أو مال، إذ يؤدى إلى منكر (٦).

مذهب الإِمامية:

جاء في الروضة البهية أنه يجب التحمل للشهادة على من له أهلية الشهادة إذا دعى إليها خصوصا أو عموما على الكفاية لقول الله جل شأنه: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} (٧)، فسره الصادق عليه السلام بالتحمل، ويمكن جعله دليلا عليه وعلى الإقامة، فيأثم الجميع لو أخلوا به مع القدرة، فلو فقد سواه فيما يثبت به وحده، ولو مع اليمين أو كان تمام العدد تعين


(١) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.
(٢) المحلى لأبى محمد على بن عبد الله بن سعيد بن حزم الظاهرى جـ ٩ ص ٤٢٩ مسألة رقم ١٧٩٨ بتحقيق محمد منير الدمشقى الطبعة الأولى، طبع إدارة المطبعة المنيرية بمصر سنة ١٣٥١ هـ.
(٣) المرجع السابق جـ ٩ ص ٤٣٤، ص ٤٣٥ مسألة رقم ١٨١٥ نفس الطبعة.
(٤) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.
(٥) الآية رقم ٢٨٣ من سورة البقرة.
(٦) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للإمام المهدى لدين الله أحمد بن يحيى بن المرتضى جـ ٥ ص ١٦، ص ١٧ الطبعة الأولى بإشراف ومراجعة الأستاذين الشيخ عبد الله محمد الصادق والشيخ عبد الحفيظ سعد عطية طبع مطبعة السنة المحمدية بمصر سنة ١٣٦٨ هـ سنة ١٩٤٩ م.
(٧) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.