للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانى أنهما فى أقواله كلها كالطلاق والعتاق والاسلام والردة والبيع والشراء وغيرها، وأما أفعاله كالقتل والقطع وغيرها فكأفعال الصاحى بلا خلاف لقوة الأفعال.

الثالث: أنهما فى الطلاق والعتاق والجنايات، وأما بيعه وشراؤه وغيرهما من المعارضات فلا يصح بلا خلاف لأنه لا يعلم ما يعقد عليه، والعلم شرط‍ فى المعاملات.

الرابع أنهما فيما له كالنكاح والاسلام أما ما عليه كالاقرار والطلاق والضمان فينفذ قطعا تغليظا، وعلى هذا لو كان له من وجه وعليه من وجه كالبيع والاجارة نفذ تغليبا بطريق التغليظ‍، هذا ما أورده الرافعى رحمه الله تعالى، وقد اغتربه بعضهم فقال تفريعا على الأصل: السكران فى كل أحكامه كالصاحى الا فى نقض الوضوء، قال السيوطى: وفيه نظر فالصواب تقييد ذلك بغير العبادات ويستثنى منه الاسلام أما العبادات فليس فيها كالصاحى كما تبين ومن ذلك الأذان، فلا يصح أذانه على الصحيح كالمجنون والمغمى عليه لأن كلامه لغو وليس من أهل العبادة، وفيه وجه أنه يصح بناء على صحة تصرفاته قال فى شرح المهذب: وليس بشئ قال أما من هو فى أول النشوة فيصح أذانه بلا خلاف ومن ذلك الصيام: لو شرب المسكر ليلا وبقى سكره جميع النهار لم يصح صومه وعليه القضاء وان صحا فى بعض فهو كالاغماء فى بعض النهار، ومن ذلك ما لو سكر المعتكف فان اعتكافه يبطل كما يبطل تتابعه أيضا، واعلم أن فى بطلان الاعتكاف بالسكر والردة ستة طرق نظير مسألة العفو عما لا يدركه الطرف فى الماء والثوب الأول وهو الأصح: يبطل بهما قطعا لأنهما أفحش من الخروج من المسجد.

والثانى: لا قطعا.

والثالث: فيهما قولان.

والرابع يبطل فى السكر دون الردة لأن السكران ليس من أهل المقام فى المسجد لأنه لا يجوز اقراره فيه.

والخامس: يبطل فى الردة دون السكر لأنه كالنوم بخلافها لأنها تنافى العبادات.

والسادس يبطل فى السكر لامتداد زمانه وكذا الردة ان طال زمانها والا فلا.

قال الرافعى: رحمه الله تعالى: ولا خلاف فى أنه لا يحسب زمانها ومن العبادات التى لا يكون فيها السكران كالصاحى الوقوف بعرفة، فلا يصح وقوف السكران بعرفة سواء كان متعد أم لا كالمغمى عليه، ذكره فى شرح المهذب.

ومن ذلك أيضا أن فى وجوب الرد عليه اذا سلم - ومثله المجنون - وجهين فى الروضة بلا ترجيح.

قال فى شرح المهذب والأصح أنه لا يجب الرد عليه ولا يسن ابتداؤها فهذه فروع ليس السكران فيها كالصاحى، ومن ذلك لو بان أمام الصلاة سكران فهل تجب الاعادة كما لو بان مجنونا لأنه لا يخفى حاله، أولا تجب الاعادة كما لو بان محدثا الظاهر الأول (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع أن من فرائض جحخب زوال العقل - كحدث جنون أو برسام سواء كان كثيرا أو قليلا أو تغطيته باغماء أو سكر قليل أو كثير، قال فى المبدع اجماعا على كل الأحوال لأن هؤلاء لا يشعرون بحال بخلاف النائم ولو كانت تغطيته بنوم، قال أبو الحطاب محفوظ‍ وغيره ولو تلجم فلم يخرج منه شئ الحاقا بالغالب لأن الحس يذهب معه، ولعموم حديث «على العين وكاء السه (٢) فمن نام فليتوضأ رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وعن معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» العين وكاء السه فاذا نامت العينان استطلق الوكاء


(١) المرجع السابق ص ٢١٦، ص ٢١٧ نفس الطبعة.
(٢) السه: اسم حلقة الدبر وانظر القاموس المحيط‍ للفيروزابادى ولسان العرب لابن منظور.