للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرفع يديه، ويستلمه ان استطاع من غير أن يؤذى مسلما، لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلم قبل الحجر الأسود ووضع شفتيه عليه.

غير أنه اذا وجد فرجة يستلمه والا فيستقبله ويكبر ويهلل لأن الاستلام سنة والتحرز عن أذى المسلم واجب. وأن أمكنه أن يمس الحجر شيئا فى يده كالعرجون وغيره ثم قبله فعل لما روى أنه عليه الصلاة والسلام طاف على راحلته واستلم الأركان بمحجنه - وان لم يستطع شيئا من ذلك استقبله وكبر وهلل وحمد الله وصلى على النبى صلى الله عليه وسلم. ثم أخذ عن يمينه مما يلى الباب وقد اضطبع (١) بردائه قبل ذلك فيطوف بالبيت سبعة أشواط‍ .. والاصطباع سنة. ويجعل طوافه من وراء الحطيم - وهو اسم لموضع فيه ميزاب سمى به لأنه حطم من البيت - أى اقتطع - وسمى حجرا لأنه حجر فيه وهو من البيت - ولهذا يجعل الطواف من ورائه حتى لو دخل الفرجة التى بينه وبين البيت لا يجوز - أى لا يحل له ذلك فتجب اعادته ليؤديه على وجهه المشروع فالواجب هو الأخذ فى الطواف من جهة الباب - ويرمل فى الثلاثة الأول من الأشواط‍ - والرمل أن يهز فى مشيته الكتفين كالمبارز يتبختر بين الصفين - ويمشى فى الباقى على هينته والرمل من الحجر الى الحجر فان زحمة الناس فى الرمل وقف فاذا وجد مسلكا رمل لأنه لا بدل له فيقف حتى يقيمه على وجه السنة بخلاف الاستلام لأن الاستقبال بدل له ويستلم الحجر كلما مر أن استطاع لأن أشواط‍ الطواف كركعات الصلاة فكما يفتتح كل ركعة بالتبكير يستلم كل شوط‍ باستلام الحجر وان لم يستطع الاستلام استقبل وكبر وهلل ويستلم الركن اليمانى وهو حسن فى ظاهر الرواية وعند محمد أنه سنة ولا يستلم غيرهما ويختم الطواف باستلام الحجر ثم يأتى المقام فيصلى عنده ركعتين أو حيث تيسر له من المسجد وهى واجبة عند الحنفية (٢) هذا وقد نص الحنفية على أن مكان الطواف داخل المسجد فان طاف من وراء السوارى أو من وراء زمزم أجزأ وان طاف من وراء المسجد لا يجوز وعليه الاعادة اذ المناط‍ عندهم الا يكون بينه وبين الكعبة حائل من جدر ونحوها حتى يكون الطواف منسوبا الى الكعبة لا الى غيرها وكيفية ذلك أن يقف مستقبلا على جانب الحجر بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ثم يمشى كذلك مستقبلا حتى يجاوز جميع الحجر (٣).

ومن ناحية أخرى فانهم نصوا على أنه اذا طاف طواف الافاضة محدثا فعليه شاة لأنه أدخل النقص فى الركن وان كان جنبا فعليه بدنة لأن الجنابة أغلظ‍ من الحدث فيجب جبر نقصانها بالبدنة اظهارا للتفاوت والأفضل أن يعيد الطواف ان كان بمكة ولا دم عليه والأصح أن يؤمر بالاعادة فى الحدث استحبابا وفى الجنابة ايجابا لفحش التفاوت بسبب الجنابة وقصوره بسبب الحدث وان أعاده بعد أيام النحر لزم دم عند أبى حنيفة رضى الله عنه للتأخير ولو رجع الى بلده وقد طاف جنبا عليه أن يعود لأن النقص كثير فيؤمر بالعود استدراكا له وان لم يعد وبعث بدنة أجزأ وان رجع الى أهله وقد طاف محدثا ان عاد وطاف جاز وان بعث بالشاة فهو أفضل لأنه خف معنى النقصان وفيه نفع للفقراء (٤).

[مذهب المالكية]

نص فقهاء مذهب الملكية على شروط‍ طواف الافاضة عندهم وهى سبعة شروط‍ بيانها كالآتى:

١ - كونه أشواطا سبعة.

٢ - أن يكون المحرم متلبسا بالمطهرين فيبطل


(١) الاضطباع هو: أن يجعل وسط‍ ردائه تحت منكبه الأيمن، وطرفيه على منكبه الايسر. مأخوذ من الضبع - بسكون الباء - وهو العضد.
(٢) الهداية هامش الفتح ج‍ ٢ ص ١٤٧ - ١٥٣
(٣) فتح القدير ج‍ ٢ ص ١٨٠
(٤) الهداية هامش الفتح ج‍ ٢ ص ٢٤٣ - ٢٤٦