للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقائد صفة المسلمين عن التغيير على ما قال سبحانه وتعالى «وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ ١}.

وكذلك يجب أن يتميز نساؤهم عن نساء المسلمين فى حال المشى فى الطريق ويجب التمييز فى الحمامات فى الأزر فيخالف أزرهم أزر المسلمين لما قلنا وكذا يجب أن تميز الدور بعلامات تعرف بها دورهم من دور المسلمين ليعرف السائل المسلم أنها دور الكفرة فلا يدعو لهم بالمغفرة.

ولا يمكنون من اظهار بيع الخمور والخنازير فى دار الاسلام لأنهم مخاطبون بالحرمات وهو الصحيح عند أهل الأصول، فكان اظهار بيع الخمر والخنزير منهم اظهارا للفسق فيمنعون من ذلك وعندهم أن ذلك مباح فكان اظهار شعائر الكفر فى مكان معد لاظهار شعائر الاسلام وهو امصار المسلمين فيمنعون من ذلك.

ولا يمكنون من اظهار صليبهم فى عيدهم لأنه اظهار شعائر الكفر فلا يمكنون من ذلك فى أمصار المسلمين، ولو فعلوا ذلك فى كنائسهم لا يتعرض لهم وكذا لو ضربوا الناقوس فى جوف كنائسهم القديمة لم يتعرض لذلك لأن اظهار الشعائر لم يتحقق، فان ضربوا به خارجا منها لم يمكنوا منه لما فيه من اظهار الشعائر.

ولا يمنعون من اظهار شئ مما ذكرنا من بيع الخمر والخنزير والصليب وضرب الناقوس فى قرية أو موضع ليس من أمصار المسلمين ولو كان فيه عدد كثير من أهل الاسلام وانما يكره ذلك فى أمصار المسلمين - وهى التى يقام فيها الجمع والأعياد والحدود - لأن المنع من اظهار هذه الأشياء لكونه اظهار شعائر الكفر فى مكان اظهار شعائر الاسلام فيختص المنع بالمكان المعد لاظهار الشعائر وهو الجامع.

وأما اظهار فسق يعتقدون حرمته - كالزنا وسائر الفواحش التى هى حرام فى دينهم فانهم يمنعون من ذلك سواء كانوا فى أمصار المسلمين أو فى أمصارهم ومدائنهم وقراهم (٢).

[مذهب المالكية]

جاء: فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ان الذمى يلزم بلبس يميزه عن المسلمين يؤذن بذلة كعمامة زرقاء وبرنيطة وطرطور حتى لا يتشبه بهم ويعزر لترك الزنار (٣)، كما يعزر على اظهار السكر بين المسلمين فى مجلس غير خاص بهم فيشمل الأسواق وحواريهم التى يدخلها المسلمون ولو لبيع أو فى بعض الأحيان فيما يظهر.

وأما لو أظهروه فى بيوتهم وعلمنا ذلك برفع أصواتهم فلا يعزرون ويعزر الذمى على اظهار معتقده فى المسيح أو غيره مما لا ضرر فيه على المسلمين وعلى بسط‍ لسانه على مسلم أو بحضرته وتراق الخمر اذا أظهرها - قيل بدون أن تكسر أوانيها.

وقال ابن عرفة تراق وتكسر الأوانى وهو الصواب وكذلك قال المواق وصرح البرزلى فى نوازله - وانما أريقت الخمر دون غيرها من النجاسات لأن النفس تشتهيها.

والظاهر أن كل مسلم له أن يريقها ولا يختص ذلك بالحاكم وكما تراق الخمر اذا أظهرها الذمى تراق اذا حملها من بلد الى آخر فان لم يظهرها وأراقها مسلم ضمن له قيمتها لتعديه عليه.

ويكسر الناقوس ان أظهروه - كما فى الجواهر - ولا شئ على من كسره.


(١) الآية رقم ٣٣ من سورة الزخرف.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج‍ ٧ ص ١١٣ - ١١٤، الطبعة السابقة.
(٣) الزنار بضم الزاى خيوط‍ متلونة بألوان شقى يشد بها وسط‍ علامة على ذلة.