للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

جاء فى الشرح الكبير والمغنى (١): أن الشركة بيع بعض المبيع بقسطه من الثمن ويصح بقوله شركتك فى نصفه أو ثلثه.

وذكر صاحب المغنى (٢) أن ما يحتاج الى القبض لا تجوز الشركة فيه قبل قبضه لأن الشركة هى بيع فتدخل فى عموم النهى عن بيع الطعام قبل أن يستوفيه فان الشركة بيع بعض المبيع بقسطه من ثمنه على ما ذكر.

وتجوز الشركة فيما يجوز بيعه، لأنها نوع من أنواع البيوع، وانما اختصت باسم كما اختص بيع المرابحة والمواضعة بأسماء.

فاذا اشترى (٣) رجل شيئا فقال له رجل آخر أشركنى فى نصفه بنصف الثمن، فقال له: أشركتك صح وصار شركا بينهما اذا كان الثمن معلوما لهما.

ولو قال أشركنى فيه أو قال الشركة فقال شركتك أو قال ولنى ما اشتريت ولم يذكر الثمن فقال: وليتك صح اذا كان الثمن معلوما، لأن الشركة تقتضى ابتياع جزء منه بقسطه من الثمن على ما ذكر.

والتولية ابتياعه بمثل الثمن فاذا ذكر اسمه انصرف اليه، كما اذا قال أقلنى فقال أقلتك.

وفى حديث عن زهرة بن معبد أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام الى السوق فيشترى الطعام فيلقاه ابن عمر وابن الزبير رحمهما الله تعالى، فيقولان له أشركنا، فان النبى صلّى الله عليه وسلم دعا لك بالبركة، فيشركهم فربما أصاب الراحلة كما هى فبعث بها الى المنزل ذكره البخارى.

ولو اشترى شيئا فقال له رجل أشركنى فشركه انصرف الى النصف، لأنها تتصرف الى التسوية باطلاقها.

فان اشترى اثنان عبدا فقال لهما رجل أشركانى فيه فقال شركناك احتمل أن يكون لهما النصف لأن اشراكهما لو كان من كل واحد منهما منفردا لكان له النصف، فكذلك حال الاجتماع.

ويحتمل أن يكون له الثلث، لأن الاشتراك يفيد التساوى، ولا يحصل التساوى الا بجعله بينهم أثلاثا.

وهذا أصح لأن اشراك الواحد انما اقتضى النصف لحصول التسوية به.

وان شركه كل واحد منهما منفردا كان له النصف، ولكل واحد منهما الربع.


(١) الشرح الكبير على متن المقنع للامام شمس الدين محمد أبى الفرج بن أحمد بن قدامة المقدسى ج ٤ ص ١٠٠، ص ١٠١ وما بعدهما فى كتاب على المغنى لابن قدامه المقدسى الطبعة الأولى طبع مطبعة النار بمصر سنة ١٣٤٨ هـ‍.
(٢) المغنى تأليف الشيخ الامام العلامة موفق الدين أبى محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة على مختصر الامام أبى القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقى ج ٤ ص ٢٢٣ وعليه الشرح الكبير لشمس الدين أبى الفرج أحمد بن قدامه المقدسى الطبعة الأولى.
(٣) المغنى لابن قدامه المقدسى والشرح الكبير عليه ج ٤ ص ١٠٠، ص ١٠١ فى كتاب الطبعة السابقة.