للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شارب الخمر منهى عنها، وكذلك الآكل على مائدة يشرب عليها الخمر.

«ويقول السرخسى تعليلا لهذا الحكم» هكذا نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أن يأكل المسلم على مائدة عليها الخمر، ولأن فى ذلك تكثير جمع الفسقة واظهار الرضا عنهم، وذلك لا يحل للمسلم (١).

[مذهب المالكية]

يقول القرطبى - فى تفسير قوله تعالى «فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ» فدل هذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصى اذا ظهر منهم منكر، لأن من لم يجتنبهم فقد رضى فعلهم.

فكل من جلس فى معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم فى الوزر سواء فان لم يقدر على النكير عليهم، فينبغى أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.

وقد روى عن عمر بن عبد العزيز أنه أخذ قوما يشربون الخمر، فقيل عن أحد الحاضرين أنه صائم، فجعل عليه الأدب وقرأ هذه الآية «إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ،} أى أن الرضا بالمعصية معصية.

ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضى بعقوبة المعاصى حتى يهلكوا جميعا (٢).

[مذهب الشافعية]

يقرر الامام الغزالى رحمه الله أن العاجز عن تغيير المنكر ليس له عليه حسبة الا بقلبه اذ كل من أحب الله يكره معاصيه وينكرها بقلبه (٣).

فان كان فى المجلس من يتعاطى شرب الخمر - والحال أن المؤمن لا يستطيع الانكار - فلا يجوز له الحضور، اذ لا يحل حضور مجالس الشرب. وان كان مع ترك الشرب، ولا يجوز مجالسة الفاسق فى حالة مباشرته للفسق (٤).

[مذهب الحنابلة]

يقول صاحب منته الارادات: «ويعزر من حضر شرب الخمر (٥). ومن تشبه بالشراب - أى بشاربى الخمر - فى مجلسه وآنيته وحاضر من حاضره بمجالس الشراب


(١) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج ٢٤ ص ٣٤ الطبعة السابقة.
(٢) تفسير القرطبى ص ١٩٨٨ طبع مطبعة دار الشعب بالقاهرة الآية رقم ١٤٠ من سورة النساء.
(٣) احياء علوم الدين للامام الغزالى ص ١٢٠٨ طبعة دار الشعب بمصر.
(٤) المرجع السابق للامام الغزالى ص ١٢٤٦ الطبعة السابقة.
(٥) منته الايرادات على كشاف القناع ج‍ ٤ ص ١٠٤ الطبعة السابقة.