للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئا واحدا في نفى كون القضاء بالفرض الأول. وإثبات كونه بفرض جديد لاحتمال كون المراد المطلق لا بشرط الخصوصية. وذكر الخاص يكونه محصلا للمطلق بلا نظرٍ إلى خصوصية الشئ المذكور فلا ينتفى المطلق بانتفاء هذا القيد. فمن نفى كون القضاء بالفرض الأول مستظهر لثبوت الاحتمال غير المستلزم للقضاء. وعلى المثبت نفى ذلك الاحتمال.

ثم أورد احتمالات عدة لنصرة كل فريق يطول المقام بذكرها.

وأورد بعد ذلك على العضو أيضا أن مجرد التحايز بين الجنس والفصل في الخارج لا يؤيد كون القضاء بالفرض الأول إلا إذا ثبت جواز انفكاك أحدهما عن الآخر.

وبعد أن أطال في هذه المناقشة انتهى إلى أن التحقيق (١) أن الفرق بين ما نحن فيه وبين الجنس والفصل واضح ولا يصح التنظير ولا التفريع. أن المتبادر أن القيد هو شئ واحد والتبادر هو الحجة فلا نفهم من قول الشارع صم الخميس إلا شيئًا واحدا والزائد منفى بالأصل.

[الإتيان بالمأمور به يدل على الإجزاء]

الإتيان بالمأمور به على وجه الذى أمر به الشارع قد وقع الخلاف فيه بين أهل الأصول: أيوجب الإجزاء أم لا؟ ويتضح الخلاف مما يلى:

[أولا: طريقة المتكلمين]

[١ - الغزالى]

قال: (٢) ذهب بعض الفقهاء إلى أن الأمر يقتضى وقوع الإجزاء بالمأمور به إذا امتثل. وقال بعض المتكلمين لا يدل على الإجزاء لا بمعنى أنه لا يدل على كونه طاعة وقرية وسبب ثواب وامتثالا. لكن بمعنى أنه لا يمنع الامتثال من وجوب القضاء ولا يلزم حصول الإجزاء بالأداء بدليل أن من أفسد حجه فهو مأمور بالإتمام ولا يجزئه بل يلزمه القضاء. ومن ظن أنه متطهر فهو مأمور بالصلاة وممتثل إذا صلى ومطيع ومتقرب ويلزمه القضاء فلا يمكن إنكاره كونه مأمورا ولا إنكار كونه ممتثلا حتى يسقط العقاب. ولا إنكار كونه مأمورا بالقضاء فهنه أمور مقطوع بها.

والصواب عندنا أن نفصل ونقول إذا ثبت أن القضاء يجب بأمر متجدد وأنه مثل الواجب الأول فالأمر بالشئ لا يمنع إيجاب مثله بعد الامتثال وهذا لا شك فيه ولكن ذلك المثل إنما يسمى قضاء إذا كان فيه تدارك لفائت من أصل العبادة أو وصفها، وإن لم يكن فوات وخلل استحال تسميته قضاء. فنقول الأمر يدل على إجزاء المأمور به إذا أدى بكمال وصفه وشرطه من غير بخلل، وإن تطرق إليه خلل كما في الحج الفاسد والصلاة غلى غير الطهارة فلا يدل الأمر على إجزائه بمعنى إيجاب القضاء.

فإن قيل: فالذى ظن أنه متطهر مأمور بالصلاة على تلك الحالة أو مأمور بالطهارة فإن كان مأمورا بالطهارة مع تتجز الصلاة فينبغي أن يكون عاصيا وإن كان مأمورا بالصلاة على حالته فقد امتثل من غير خلل. فيم عقل إيجاب القضاء؟ وكذلك المأمور بإتمام الحج الفاسد أتم كما أمر؟

قلنا: هذا مأمور بالصلاة مع الخلل بضرورة نسيانه فقد أتى بصلاة مختلة فاقدة شرطها


(١) المصدر السابق ١٣٤.
(٢) المستصفى جـ ٢ ص ١٢.