وفى هذه الأعمال ما يرجع الى ارادة الشخص وحده كالوقف والوصية فى بعض أحوالها وهو العقد من جانب واحد.
ومنها ما يرجع الى ارادته مرتبطة بارادة طرف آخر وهو العقد من جانبين.
وبناء على ما تقدم نستطيع أن تقرر أن الوقائع الشرعية بجميع أنواعها هى مصادر الروابط والحقوق وعلى ذلك تنحصر مصادر الالتزام فيما يأتى:
[أولا - العقد]
بمدلوله العام وهو الالتزام الشرعى المبرم سواء كان من طرفين كالبيع والاجارة والرهن ونحوها أم كان من جانب واحد كالوقف والنذر والوصية لجهات البر ونحوها - واستعماله فيما يتم بين طرفين هو الكثير الغالب فى عبارات الفقهاء وعندئذ يكون سببا فى التزامات متبادلة بين طرفيه تترتب عليها حقوق لكل منهما قبل الآخر - أما اذا كان من جانب واحد فلا يترتب عليه الالتزام من ذلك الجانب يترتب عليه حق لغيره وهو من تم الالتزام له دون أن يكون له فى نظير ذلك أى جزاء ومن ثم كان من قبيل التبرع.
ويعرفه الفقهاء بالنظر الى مدلوله كثير الاستعمال بأنه ما يتم به الارتباط بين شخصين متعاقدين من كلام أو ما يقوم مقامه أو هو الربط بين كلامين - أو ما يقوم مقامهما صادرين من شخصين على وجه يترتب عليه أثره الشرعى اما بالنظر الى مدلوله الآخر فهو الكلام الصادر من شخص واحد كاشف عن ارادته فى انشاء التزام شرعى فترتب عليه أثاره من الزامه بما التزم به وثبوت ذلك حقا لمن التزم له وذلك بناء على ارادته المنفردة وللارادة المنفردة من حيث انشاء الالتزام وترتب الآثار الشرعية المختلفة عليها مجال واسع وهو فى مذهب مالك أوسع منه فى المذاهب الأخرى ومثله فى ذلك مذهب الشيعة الجعفرية ويلاحظ ان الالتزام المترتب على العقد قد يكون أثرا مباشرا له مقصودا من انشائه كما فى الكفالة وغيرها بالنظر الى النتائج المباشرة وقد يكون أثرا غير مباشر ولكنه مكمل لآثارها كما فى عقد البيع بالنظر الى الالتزام بتسليم المبيع وسلامته وتسليم الثمن فى موعده وهكذا والناظر الى التصرفات الشرعية يتجلى لنظره وجود طوائف ثلاثة من الالتزامات أو التصرفات.
الأولى: لا تتم ولا يترتب عليها الالتزام الا بالايجاب والقبول المرتبطين ويدخل فيها البيع والاجارة والشركة والمزارعة ونحوها.
الثانية: تنشأ وتتم بارادة واحدة يكشف عنها كلام صاحبها فيترتب عليه التزامه بمجرد صدوره ويدخل فيها الوقف والنذر والوصية لجهات البر والعتق والطلاق والوعد على ما ذهب اليه كثير المالكية من القول يترتب الالزام عليه خلاف لجمهور الفقهاء الذين ذهبوا الى أن الالتزام فيه تفضل من الملتزم له أن يعدل ويرجع عنه.
الثالثة: تحل محلا وسطا بين الطائفتين السابقتين ذلك لأنها تنشئ التزاما من جانب واحد لا يقابله التزاما من الجانب الآخر فهى من جانب الملتزم تصرف فى خالص حقه ومن