للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الموت فسقط‍ حكمه كالحج. وان زال العذر وتمكن فلم يصم حتى مات أطعم عنه لكل مسكين مد من طعام.

ومن أصحابنا من قال فيه قول آخر أنه يصام عنه، لما روت عائشة رضى الله تعالى عنها أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: من مات وعليه صوم رمضان صام عنه وليه، ولأنها عبادة تجب الكفارة بافسادها، فجاز أن يقضى عنه بعد الموت كالحج.

والمنصوص فى الأم هو الأول، وهو الصحيح. والدليل عليه ما روى ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

من مات وعليه صيام فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين، ولأنه عبادة لا يدخلها النيابة فى حال الحياة فلا يدخلها النيابة بعد الموت كالصلاة. فان قلنا أنه يصام عنه فصام عنه وليه أجزأه، وان أمر أجنبيا فصام عنه بأجرة أو بغير أجرة أجزأه كالحج.

وان قلنا يطعم عنه نظرت. فان مات قبل أن يدركه رمضان آخر أطعم عنه عن كل يوم مسكين، وان مات بعد أن أدركه رمضان آخر ففيه وجهان:

أحدهما يلزمه مدان مد للصوم ومد للتأخير

والثانى أنه يكفيه مد واحد للتأخير، لأنه اذا أخرج مدا للتأخير زال التفريط‍ بالمد، فيصير كما لو أخره من غير تفريط‍، فلا تلزمه كفارة، ومصرف (١) الفدية الفقراء والمساكين دون غيرهما من مستحقى الزكاة، لأن المسكين ذكر فى الآية والخبر، والفقير أسوأ حالا من المسكين، أو داخل فيه اذ كل منهما اذا ذكر منفردا يشمل الآخر ولا يجب الجمع بينهما، وله صرف أمداد منها إلى شخص واحد بخلاف المد الواحد فإنه يجوز صرفه إلى شخصين لأن كل مد كفارة ومن ثم لم يجز إعطاؤه من امداد الكفارة الواحدة أكثر من مد أما اعطاء دون المد أو مع مد كامل فتمتنع مطلقا لأنه يدل عن صوم يوم وهو لا يتبعض وجنس الفدية الفطرة وفيها أن المد رطل وثلث وان المعتبر الكيل لا الوزن.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع (٢): أن من عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه له أن يفطر اجماعا لعدم وجوب الصوم عليه، لأنه عاجز عنه فلا يكلف به، لقول الله تبارك وتعالى «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها ٣»

وأطعم عن كل يوم مسكينا ما يجزى فى كفارة مدّا من بر أو نصف صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو أقط‍، لقول ابن عباس رضى الله تعالى عنهما فى قول الله عز وجل «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ ٤» ليست منسوخة فى الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصوم فيطعمان مكان كل يوم مسكينا


(١) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لابن شهاب الدين الرملى ج ٣ ص ١٩٠ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) كشاف القناع مع منتهى الإرادات لابن يونس البهوتى ج ١ ص ٥٠٨ الطبعة السابقة والأقناع لابن إدريس الحنبلى ج ١ ص ٣٠٦ الطبعة السابقة.
(٣) الآية رقم ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٤) الآية رقم ١٨٤ من سورة البقرة.