للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنهما أنه قال الشيخ الكبير يطعم عن كل يوم مسكينا، وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أنه قال من أدركه الكبر فلم يستطع صوم رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح، وقال ابن عمر رضى الله تعالى عنهما: اذا ضعفت عن الصوم أطعم عن كل يوم مدا، وروى أن أنسا رضى الله تعالى عنه ضعف عن الصوم عاما قبل وفاته فأفطر وأطعم.

وان لم يقدر على الصوم لمرض يخاف زيادته ويرجو البرء لم يجب عليه الصوم للآية فاذا برئ وجب عليه القضاء، لقول الله عز وجل «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ» (١)

وإن أصبح صائما وهو صحيح ثم مرض أفطر، لأنه أبيح له الفطر للضرورة والضرورة موجودة فجاز له الفطر.

وان خافت (٢) الحامل أو المرضع على أنفسهما من الصوم أفطرتا وعليهما القضاء دون الكفارة، لأنهما أفطرتا للخوف على أنفسهما، فوجب عليهما القضاء دون الكفارة كالمريض، وان خافتا على ولديهما أفطرتا وعليهما القضاء بدلا عن الصوم.

وفى الكفارة ثلاثة أقوال:

قال فى الأم يجب عن كل يوم مد من طعام، وهو الصحيح، لقول الله تبارك وتعالى «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ» (٣)

قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما نسخت هذه الآية وبقيت الرخصة للشيخ الكبير والعجوز، والحامل والمرضع اذا خافتا على ولديهما أفطرتا وأطعمتا مكان كل يوم مسكينا.

والثانى أن الكفارة مستحبة غير واجبة، وهو قول المزنى، لأنه افطار لعذر فلم تجب به الكفارة كإفطار المريض.

والثالث: أنه يجب على المرضع دون الحامل، لأن الحامل أفطرت لمعنى فيها كالمريض والمرضع أفطرت لمنفصل عنها فوجبت عليها الكفارة.

واذا كان (٤) عليه قضاء أيام من رمضان ولم يكن له عذر لم يجز له أن يؤخر إلى أن يدخل رمضان آخر حتى أدركه رمضان آخر وجب عليه لكل يوم مد من طعام، لما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وابن عمر وأبى هريرة رضى الله تعالى عنهما أنهم قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتى أدركه رمضان يطعم عن الأول، فان أخر سنين ففيه وجهان:

أحدهما يجب لكل سنة مد لأنه تأخير سنة فأشبه السنة الأولى.

والثانى لا يجب للثانية شئ لأن القضاء مؤقت فيما بين رمضانين، فاذا أخر عن السنة الأولى فقد أخره عن وقته فوجبت الكفارة، وهذا المعنى لا يوجد فيما بعد السنة الأولى فلم يجب للتأخير كفارة، وإذا كان عليه قضاء شئ من رمضان فلم يصم حتى مات نظرت، فان أخره لعذر اتصل حتى مات لم يجب عليه شئ، لأنه فرض لم يتمكن منه


(١) الآية رقم ١٨٤ من سورة البرة.
(٢) المهذب للشيرازى ج ١ ص ١٧٨ وما بعدها، الطبعة السابقة.
(٣) الآية رقم ١٨٤ من سورة البقرة.
(٤) المهذب لأبى اسحاق ج ١ ص ١٨٧