للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأولى: لا يباح لأن الآية دلت على تحريم الميتة واستثنى ما اضطر اليه، فاذا اندفعت الضرورة لم يحل له الأكل كحالة الابتداء لأنه بعد سد الرمق غير مضطر فلم يحل له الأكل للآية.

والرواية الثانية يباح له الشبع لما روى جابر بن سمرة أن رجلا نزل الحرة فنفقت عنده ناقة فقالت له امرأته: اسلخها حتى نقدد شحمها ولحمها ونأكله فقال حتى أسأل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فسأله فقال: هل عندك غنى يغنيك؟ قال:

لا قال: «فكلوها، ولم يفرق ولأن ما جاز سد الرمق منه جاز الشبع منه كالمباح (١).

ويرى ابن قدامه التفريق بين ضرورة مستمرة وأخرى يرجى زوالها وقال يحتمل أن يفرق بين ما اذا كانت الضرورة مستمرة وبين ما اذا كانت مرجوة الزوال، فما كانت مستمرة كحالة الاعرابى الذى سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم جاز الشبع، لأنه اذا اقتصر على سد الرمق عادت الضرورة اليه عن قرب، ولا يتمكن من البعد من الميتة مخافة الضرورة المستقبلة ويفضى الى ضعف بدنه، وربما أدى ذلك الى تلفه بخلاف التى ليست مستمرة فانه يرجو الغنى عنها بما يحل (٢) له.

[مذهب الظاهرية]

بعد أن ذكر ابن حزم المحرمات من المأكل والمشارب «من خنزير أو صيد حرام أو ميتة أو دم أو لحم سبع طائر أو ذى أربع أو حشرة أو خمر قال» فمن اضطر الى شئ مما ذكرنا قبل .. فله أن يأكل حتى يشبع يتزود، حتى يجد حلالا، فاذا وجد، عاد الحلال من ذلك حراما كما كان عند ارتفاع الضرورة.

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار: (ولا يحل للمضطر مما يحرم بنفسه أكثر من سد الرمق لزوال الضرورة بسده، لقوله تعالى «غَيْرَ باغٍ» أى غير متلذد ولا مجاوز لدفع الضرورة (٣).

[مذهب الإمامية]

الظاهر من مذهبهم الاقتصار على القدر اللازم لا زالة حالة الاضطرار - فقد روى محمد بن عذافر عن أبيه عن أبى جعفر عليه السّلام أنه قال:

ثم أحله للمضطر - أى أحل الله الميتة والدم ولحم الخنزير عند الاضطرار فى الوقت الذى لا يقوم بدنه الا به فأمرهم أن يناله منهم بقدر البلغة لا غير ذلك (١).


(١) المغنى ج ١١ ص ٧٣ - ٧٤.
(٢) المغنى ج ١١ ص ٧٣ - ٧٤.
(٣) البحر الزخار ج ٤ ص ٣٣٢.
(٤) من لا يحضره الفقيه ص ٤٠٠.