الاموال والاملاك بلا شك متنقلة من يد الى يد .. هذا امر فعلمه يقينا فلو قضى عليه ببعض اقراره هنا دون سائره لوجب اخراج جميع املاك الناس عن ايديهم او اكثرها لانك لا تشك فى الدور والارضين والثياب المجلوبة والعبيد والدواب انها كانت قبل من هى بيده لغيره بلا شك .. وان امكن فى بعض ذلك أن ينتجه عنده فان الأم بلا شك كانت لغيره.
وكذلك الزريعة مما بيده مما ينبت .. فظهر فساد هذا القول جملة .. فان قامت بينة فى شئ مما بيده مما أقر به أو مما لم يقر به انه كان لغيره قضى به لذلك الغير حينئذ .. ولم يصدق على انتقال ما قامت به البينة لانسان بعينه البتة الا ببينة. وهذا متفق عليه. وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى بالبينة للمدعى.
[الاستثناء]
ويدخل فى حكم ما ذكر من عدم تجزئ الاقرار ما اذا عبر بالاستثناء بأن اقر واستثنى من المقر به شيئا سواء كان من الجنس او من غير الجنس وفى ذلك يقول ابن حزم: ومن قال لفلان عندى مائة دينار دين ولى عنده مائة قفيز قمح أو قال: له عندى مائة دينار الا مائة قفيز تمر او نحو ذلك. او الا جارية ولا بينة عليه بشئ ولا له بينة بشئ - قوم القمح الذى ادعاه فان ساوى المائة الدينار التى اقر بها او ساوى اكثر منها فلا شئ عليه. وان ساوى أقل منها قضى بالفضل فقط للذى أقر له.
برهان ذلك أنه لم يقر له قط اقرارا تاما بل وصله بما ابطل به أول كلامه فلم يثبت له قط على نفسه شيئا ولو جاز أن يؤخذ بعض كلامه دون بعض لجاز أن يقتل من قال: لا اله الا الله لأن نصف كلامه اذا انفرد كفر صحيح.
وهو قول: لا اله. فيقال له: كفرت ثم ندمت وهذا فاسد جدا. ولو حب أيضا أن يبطل الاستثناء كله بمثل هذا لأنه ابطال لما أثبته بأول كلامه قبل ان يستثنى ما استثنى وقد قال قوم:
انما يجوز الاستثناء من نوع ما قبله لا من نوع غيره. قال أبو محمد. وهذا باطل لأن الله تعالى يقول: «انى لا يخاف لدى المرسلون الا من ظلم» وقال تعالى «فسجد الملائكة كلهم اجمعون الا ابليس» فاستثنى ابليس من الملائكة وليس منهم بل من الجن الذين ينسلون والملائكة لا تنسل. واستثنى تعالى من ظلم.
من المرسلين وليسوا من أهل صفتهم. وقال الشاعر:
وبلدة ليس بها انيس … الا اليعافير والا العيس
وليس اليعافير والعيس من الانيس. وقد استثناهم منهم الشاعر العربى الفصيح.
[الاقرار بالنسب]
تكلم الظاهرية عن استلحاق المرأة الولد والاقرار بنسبه (١).
المرأة فى استلحاق الولد بنفسها كالرجل بل هى اقوى سببا فى ذلك لانه يلحق بها من حلال كان او من حرام - وجاء فى المحلى من الموضع المذكور ان الولد يلحق بالمرأة اذا زنت به ولا يلحق بالرجل.
(١) المحلى لابن حزم ج ١٠ ص ٣٢٣.