للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولى ذلك ثلاثة أيام للأثر ولأنها مدة قريبة (١).

قال ابن قدامة وينبغى أن يضيق عليه فى مدة الاستتابة ويحبس لقول عمر: «هلا حبستموه وأطعمتموه كل يوم رغيفا»، وتكرر دعايته للاسلام لعله يتعطف قلبه فيراجع دينه (٢).

وقالوا: ان التوبة تجب أن تكون عن طواعية ولكن اذا ارتد مسلم وأكره على الرجوع الى الاسلام فان أسلم حكم باسلامه ظاهرا لأنه اكراه بحق فيحكم بصحة ما يأتى به كما لو أكره المسلم على الصلاة فصلى وأما الباطن فأمره الى الله (٣).

وقالوا: اذا شهد المرتد بأنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لم يكشف عن صحة ما شهد به وخلى سبيله ولا يكلف الاقرار بما نسب اليه لقوله صلى الله عليه وسلم:

«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم»، فهذا يثبت به اسلام الكافر الأصلى فكذا المرتد ولا حاجة الى ثبوت الاسلام بالكشف عن صحة ردته (٤).

وفى رواية عن الامام أحمد: لا تقبل توبة من تكررت ردته لقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً»، ولا فرق عند الحنابلة بين الرجال والنساء فى وجوب القتل عند الاصرار على الردة (٥).

[مذهب الظاهرية]

قال الظاهرية: أنه لا يجب دعاء المرتد الى الاسلام واستتابته، ولكن لا يحال بينه وبين ذلك. فالواجب اقامة الحد على المرتد وذلك اذا لم يرجع الى الاسلام (٦) وقال انه لا برهان لمن قال بالاستتابة أكثر من مرة، فان هذا يفتح بابا لا ينتهى من التكرار.

[مذهب الزيدية]

قال الزيدية: ان المرتد يطالب بعد الردة بالرجوع الى الاسلام ثم يقتل اذا لم يسلم (٧) ويستتاب المرتد ثلاثة أيام اذ روى ذلك عن على عليه السلام. وتقتل المرأة كالرجل لعموم قوله صلى الله عليه وسلم «من بدل دينه فاقتلوه».

[مذهب الإمامية]

قال الإمامية: يستتاب المرتد ان كان ارتداده عن كفر أصلى ومدة الاستتابة ثلاثة أيام فى المروى عن الصادق بطريق ضعيف، والأقوى تحديدها بما يؤمل معه عودته ويقتل بعد اليأس منه وان كان لساعته، قال فى الروضة البهية: ولعل الصبر عليه ثلاثة أيام أولى رجاءا لعودته وحملا للخبر على الاستحباب (٨).

وقال فى شرائع الاسلام: ان الاستتابة واجبة (٩).


(١) المغنى ح‍ ١٠ ص ٧٤، ٧٦.
(٢) المرجع السابق ح‍ ١٠ ص ٧٦ والمحرر ح‍ ٢ ص ١٦٧.
(٣) المغنى ح‍ ١٠ ص ١٠٥.
(٤) المرجع السابق ح‍ ١٠ ص ٩٩، ١٠٠.
(٥) المرجع السابق ح‍ ١٠ ص ٧٤.
(٦) المحلى ح‍ ١١ ص ١٩٢، ١٨٩.
(٧) شرح الازهار ح‍ ٤ ص ٥٧٨ والبحر الزخار ح‍ ٥ ص ٤٢٤.
(٨) الروضة البهية ح‍ ٢ ص ٣٩٢.
(٩) ح‍ ٢ ص ٢٥٩.