للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجهولا بخلاف التخيير بين أنواع الخياطة لأن الأجرة حينئذ تجب بابتداء العمل وبابتدائه يتعين أحد العملين وعند ذلك تتعين الأجرة ويصير العمل معلوما عند بدايته.

ووجه قول أبى حنيفة أن التخيير بين منفعتين معلومتين فجاز العقد دون جهالة مفضية الى النزاع لأنه بالتخلية فى الحانوت يجب أقل الأجرين، وانما تجب الزيادة عند ابتداء العمل وتعينه عند ذلك، وهذا الخلاف يجرى فى كل ما يجب فيه الأجر بالتسليم ولا يعلم الواجب به وقت التسليم فهو باطل عندهما جائز عند أبى حنيفة (١).

واذا حصل التخيير فى العامل كما اذا قال المستأجر للأجير ان خطته أنت بنفسك فأجرك كذا وان خاطه تلميذك فالأجر كذا، فهذا والترديد بين أنواع الخياطة سواء فى الحكم (٢).

[مذهب المالكية]

يشترط‍ المالكية فى المنفعة أن تكون لها قيمة بأن تكون مملوكة على وجه خاص بحيث يمكن منعها.

كما يشترطون وجوب العلم بها على وجه لا يؤدى الى النزاع ولا الى عدم امكان التنفيذ، فيجب لذلك بيان العين فى اجارة الأعيان اذا انعقدت الاجارة على منفعة عين معينة ولا يكفى فى ذلك وصفها بخلاف ما اذا انعقدت على منفعة فى الذمة كما اذا استأجر دابة لتوصله الى مكان كذا.

كما يجب بيان ما يحمل فى الاجارة على الحمل وبيان المدة فيما يمتد من المنافع وتكون المدة معيارا له، وذلك على الوجه الذى سبق بيانه فى مذهب الحنفية.

وقد أجاز المالكية الكراء لمدة معينة كسنة وشهر بدون ذكر مبدأ لها وعندئذ يكون المبدأ وقت العقد سواء أكان الكراء مشاهرة أو وجيبة (مدة محددة) كسنتين واذا كان الكراء مشاهرة دون ذكر مدة تنته عندها الاجارة كأن استأجر دارا للسكنى كل شهر بكذا صح العقد، وكان لكل من العاقدين فسخه فى أى وقت شاء سواء أكان ذلك فى الشهر الأول أو فيما بعده.

وللمكترى أن يخرج متى شاء ويلزمه من الأجرة بقدر ما سكن وهذا أحد أقوال ثلاثة عند المالكية.

ثانيها لزوم العقد فى الشهر الأول فقط‍، ولكل من العاقدين الفسخ فيما بعده.

وثالثها: لزوم العقد فى أى شهر سكن فى بعضه، فلا يكون لأحدهما أن يفسخها بالنسبة لهذا الشهر، ولزم المكترى جميع أجرة هذا الشهر وان لم يشغل المسكن فى باقيه، وهذا اذا لم يعجل المكترى أجرة شهر أو أكثر فان عجل لزمت الاجارة فيما نقد من أجرته، فلو عجل أجرة عشرة أشهر لزمت فيها واذا شرط‍ عدم لزوم العقد مع التعجيل ببعض الأجرة فسد لما يلزم عليه من كراء بخيار مع نقد الأجرة وهذا غير جائز.


(١) البدائع ج‍ ٤ ص ١٨٥، ١٨٦.
(٢) البدائع ج‍ ٤ ص ١٨٧.