بجعل فلأنه أمين وقد قبض المال لمصلحة المالك فكان محسنا محضًا كالودعى وأما الثاني فلما مر ولأنه قبض لمصلحة نفسه كعامل القراض والمستأجر ويضعف بأن الأمانة لا تستلزم القبول كما لا يستلزمه في الثاني مع اشتراكها في الأمانة وكذلك الإحسان والسبيل المنفى مخصوص فإن اليمين سبيل، ولو اختلفا في التلف أي تلف المال الذي بيد الوكيل كالعين الموكل في بيعها وشرائها أو الثمن حلف الوكيل لأنه أمين وقد يتعذر إقامة البينة على التلف فقنع بقوله وإن كان مخالفا للأصل ولا فرق بين دعواه التلف بأمر ظاهر وخفى وكذا يحلف لو اختلف في التفريط والمراد به ما يشمل التعدى لأنه منكر وكذا يحلف لو اختلفا في القيمة على تقدير ثبوت الضمان لأصالة عدم الزائد.
[مذهب الإباضية]
جاء في النيل وشرحه (١) من أنه لا يبرأ غريم وكل من عليه حق بإرسال دين أو حق لربه بلا أمره أو أمر من صحت نيابته عنه وإن مع أمين أو أمينين أو أمناء وإن لم يصل أو لم يعلم أنه وصل أو لم يصل ويحتمل دخول هذا في قوله إن لم يصل بمعنى إن لم يكن له علم بالوصول وعدم العلم بالوصول صادق بما إذا لم يعلم أو وصل أو لم يصل وبما إذا علم أنه لم يصل ولزمه البحث عن الوصول ثبوتا وعدم ما لزمه أن يبحث هل وصل فيبرأ أو لم يصل فيؤدى وإذا سأل الرسول الأمين فقال وصلت فذلك بحث يجزئه كما قال وبرئ فيما بينه وبين الله تعالى لا في الحكم إن قال الأمين أوصلت وأما في الحكم فلا يبرأ إلا بشهادة عادلة أو إقرار صاحب الحق ولا يقل أوصلت فلا يبرأ في الحكم ولا فيما بينه وبين الله تعالى حتى يعلم به أي بالوصول فلو كان الحق على يتيم أو مجنون أو غائب فأرسله من تصح نيابته عنه مع أمين ولم يقل أوصلت فلينظر بيانا أو إقرارا فإن جحد صاحب الحق الوصول ضمن النائب من ماله وحلفه إن اتهمه وقيل برئ إن أرسله مع الأمين ولو امرأة أو عبدا أو أمة فيما بينه وبين الله تعالى وإن لم يسأله حتى يقول إنى لم أوصل أو ينكر صاحب الحق الوصول فإذا أنكر لم يقبل قول الأمناء ولو كثروا إنا أوصلنا لإدعائهم إيصال ما بأيديهم وعلى هذا القول يلزم الرسول إعلام بتلفه إن تلف القولان معا مبنيان على أن الأمين حجة فيما بينك وبين الله تعالى ولو أمينا واحدا ولا فرق بين الواحد والمتعدد هنا لأنهم ادعوا وصول ما بأيديهم فلو قال أمينان إن صاحب المال أمرك أن تعطى ماله فلانا كانا حجة نطق في الحكم وفيما بينك وبين الله تعالى ومختار كلام الشيخ أن الأمين حجة فيما بينك وبين الله تعالى ولو كان الإيصال بيده ووجه ذلك أن البراءة عن الحق به إنما هي أمر غير حكمى بل أمر ضرورى فهو كالعبادة فلا فرق بين أن يكون الإيصال بيده أو بغيره لأنه لم يتهمه ولذلك اقتصر المصنف كالشيخ على قول أنه حجة ولو لم يسأله وقول أنه حجة إن قال إنى أوصلت وكذلك جزما في باب الزكاة بأنه يبرأ بقول الأمين أنه أوصلها ولم
(١) من كتاب شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف أطفيش جـ ٤ ص ٤٩٥، ص ٤٩٦، ص ٤٩٧ طبع مطبعة يوسف البارونى وشركاء الطبعة السابعة.