للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على المأذون فيه أو اختصاصا لمن سبق فلا يملك أحد أن ينتزعه منه أو ينحيه عنه إذ لا يتصور انتهاؤها من الإذن.

وأما إذن العباد فانه مختلف فى أثره بين المذاهب على الوجه الآتي:

[أولا - المذهب الحنفى]

جاء فى رد المختار (١): إذا تعلقت الإباحة بعين كما إذا ترك شخص ماله وقال من شاءه فليأخذه، ومن نثر نقودا ليأخذ كل من تناله يده أو دعا صديقا إلى تناول طعامه فالجمهور من الحنفية على أن المال يظل مملوكا لصاحبه إلى أن تناله يد المباح له فيمتلكه بأخذه أو بتناوله، فإذا استهلكه بعد ذلك فقد استهلك مالا مملوكا.

وذهب آخرون إلى أن ذلك ليس من قبيل التمليك وأن المباح له لا يتملك المال بتناوله وإنما يظل المال ملكا لصاحبه ويستهلكه المباح له على ملك صاحبه بإذنه ولهذا لا يضمنه وعلى الرأي الأول أفتى فى كثير من المسائل.

وفى الدر المختار (٢) أن من دعا قوما إلى طعام وفرقهم على أخونة فليس لأهل خوان مناولة أهل خوان آخر، ولا إعطاء سائل وخادم وهرة وكلب، ومثله فى الفتاوى الهندية (٣) والبرازية (٤).

وعلله صاحب الجوهرة (٥) بأنه أباح لهم خوانهم دون غيرهم، فإن ناول أهل خوان غيرهم لا يحل لهم أن يأكلوه. ومثله فى الفتاوى الهندية (٦) بل ذكر صاحب الفتاوى الهندية أنه لا يجوز أن يدفع الضيف إلى ولد صاحب المائدة وعبده وسنوره، ثم قال: أن الاستحسان جواز ذلك.

وفى التتارخانية (٧) عن فتاوى النسفى:

سئل نجم الدين عن امرأة أعطت زوجها مالا بسؤاله ليتوسع بالتصرف فيه فى المعيشة فظفر بالزوج بعض الغرماء واستولى على المال، هل للمرأة أن تأخذ ذلك المال من ذلك الغريم؟

قال: إن كانت وهبته للزوج أو أقرضته له فلا. وإن كانت أعطته ليتصرف فيه على ملكها فلها ذلك.

وفى الفتاوى الهندية أيضا: أن من وضع مقدارا من السكر أو عددا من الدارهم بين قوم وقال: من شاء أخذ منه شيئا، أو قال: من أخذ منه شيئا فهو له.

فكل من اخذ منه شيئا يصير ملكا له ولا يكون لغيره ان يأخذ ذلك منه (٨).

ومن أصرح ما أورده الفقهاء فى هذا المقام من عدم افادة الإباحة التمليك ما جاء فى مبسوط‍ السرخسى، من أن المباح له الطعام لا يملكه وانما يتناوله على ملك المبيح وفى تقرير الرافعى ما يفيد أنه يستهلكه وهو على ملك صاحبه.

[ثانيا - فى الفقه الشافعى]

جاء فى حاشية البجرمى على الإقناع (٩) أن رجلا لو أعطى آخر كفنا لأبيه فكفنه فى غيره فعليه رده له أن كان لم يقصد التبرع


(١) رد المختار ج‍ ٣ ص ٣٥٥ طبعة الحلبى.
(٢) الدر المختار ج‍ ٤ ص ٣٧٣.
(٣) الفتاوى الهندية ج‍ ٥ ص ٢٥٤.
(٤) البزازية ج‍ ٦ ص ٢٤٣.
(٥) ج‍ ٢.
(٦) الفتاوى الهندية ج‍ ٥ ص ٣٤٤.
(٧) التتارخانية ج‍ ٤ ص ٤٠٤.
(٨) الفتاوى الهندية ج‍ ١ ص ١٥.
(٩) حاشية البجرمى ج‍ ٣ ص ٢٢٧.