للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلقة طلاقًا رجعيًا والله لا أرجعك فإنه يكون موليًا ويضرب له أجل الإيلاء أربعة أشهر من يوم الحلف فإن لم يف بعدها طلق عليه طلقة أخرى وهذا إذا لم تنقض العدة من الطلاق الأول قبل فراغ الأجل وإلا فلا شئ عليه وإذا قال لها والله لا أطؤك حتى تسألينى الوطء أو حتى تأتينى للوطء فإنه يكون موليًّا ويضرب له أجل الإيلاء من يوم الحلف فإن فاء في الأجل أو بعده بأن كفر عن يمينه ووطئها بدون سؤال منها فالأمر ظاهر وإلا طلق عليه وهذا قول ابن سحنون ومقابله قول سحنون وهو أنه لا يكون موليًا بذلك وقال ابن رشد لا وجه لقول سحنون واستصوب ما قاله ولده نظرًا لمشقة سؤال الوطء من النساء وإتيانهن إليه فالغالب عدم حصوله من المرأة ثم قال في حاشية (١) الدسوقى: وإذا قال لزوجته إن وطئتك فأنت طالق ثلاثًا أو البتة فقال ابن القاسم ومالك لا يكون موليًا وينجز عليه الثلاث من يوم الرفع ولا يضرب له أجل الإيلاء واستحسنه سحنون وغيره لأنه لا فائدة في ضرب الأجل لأنه يحنث بمجرد الملاقاة وباقى الوطء حرام فلا يمكن من وطئها وحكى اللخمى وابن رشد أنه لا يعجل عليه الحنث ويضرب له أجل الإيلاء وتستمر من غير طلاق عليه إلى أن يفرغ الأجل فإن رضيت بالإقامة معه من غير وطء فلا يطلق عليه ولا يطؤها وإن لم ترض طلقت عليه واحدة للإيلاء وقد نص في المدونة على القولين وفى حاشية الدسوقى (٢) أيضًا: من حلف ليعزلن عن زوجته زمنًا يحصل به ضررها أو حلف لا يبيت عندها أو ترك وطأها ضررًا من غير حلف أو أدام العبادة وتضررت الزوجة من ترك الوطء وأرادت الطلاق فإن الحاكم يجتهد في طلاقها عليه ومعنى الاجتهاد في الطلاق عليه أن يجتهد في أن يطلق عليه فورا بدون أجل أو يضرب له أجلًا ويجتهد في قدره من كونه دون أجل الإيلاء أو قدره أو أكثر منه فإن علم توَدَهُ وإضراره طلق عليه فورًا وإلا أمهله باجتهاده لعله أن يرجع عما هو عليه فإذا اكتفى أجل التلوم ولم يرجع عما هو عليه طلق عليه وكل هذا إذا أرادت الطلاق وأما إن رضيت بالإقامة بلا وطء فلا تطلق عليه وجاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه (٣) بأن المظاهر إن قيد الظهار بوقت كانت على كظهر أمى في هذا الشهر تأبد فلا ينحل إلا بالكفارة أو علقه بعدم زواج كإن لم أتزوج عليك وأطلق أو فلانة فأنت كأمى فلا يكون مظاهر إلا عند إليأس من الزواج يموت المعينة أو بعدم قدرته على الوطء أو عند العزيمة على عدم الزواج إذ العزم على الضد الحنث ويمنع منها حتى قبل اليأس والعزيمة ويدخل عليه الإيلاء ويضرب له الأجل من يوم الحكم.

[مذهب الشافعية]

قال الإمام الشافعي: سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يذكرون أن أهل الجاهلية كانوا يطلقون بثلاث: الظهار والإيلاء والطلاق. فأقر الله تعالى الطلاق طلاقًا، وحكم في الإيلاء بأن


(١) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير جـ ٢ ص ٤٣٠ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٢ ص ٤٢١ الطبعة السابقة.
(٣) الشرح الكبير ج ٢ ص ٤٤٠، ص ٤٤١ الطبعة السابقة.