للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يمين عليه فى هذا. وقيل يسأل القاضى عنه من يعرفه ولا يبدأ بالحبس (١).

وقال صاحب شرح النيل: وما ذكرته عن المنهاج من حبس من جهل حالة يسارا أو اعسارا لا تحديد فيه بأجل معين بل يكون ذلك بنظر القاضى وما يظهر له من أمر المحبوس. وقيل: يحبس فى الدين القليل كالدريهمات مقدار نصف شهر، وفى الوسط‍ شهرين وفى الكثير أربعة أشهر. وان أتى المفلس بكفيل بالوجه لم يحبس بل يختبر حاله غير محبوس. فان ظهر من حاله ما يوجب السجن سجن والا انتظر (٢) ولا سبيل الى حبسه قبل اختياره اذا جاء بالكفيل.

وجاء فى المنهاج أيضا: أن الدين الذى يجوز حبس مدعى الافلاس به هو الذى ثبت عن عوض يستغنى به لأنه فى الظاهر مستغن بالمال اذا حصل فى يده، ولأنه ممتنع عن الأداء مع التمكن، فكل دين لم تكن هذه صفته لم يحبس فيه من أفلس به حتى يعلم غناه، مثل ما لزمه من الأرش والدية والصداق أما من لحقته تهمة اخفاء ماله قصدا لحرمان الدائن، أو لكونه أخذ مال الناس وادعى تلفه فهذا يحبس حتى يؤدى دينه أو يثبت افلاسه فيحلف ولا يبرئه من الحبس سوى كفيل المال لا كفيل الوجه (٣).

ومن أجل لبيع ماله وانقض الأجل ولم يحضر ما عليه فانه يحبس حتى يؤديه فان تمادى فى الحبس ولم يؤد باع القاضى من ماله وأدى، وهو رأى سليمان.

وقيل: يحبس حتى يبيعه ويؤدى وهو رأى ابن محبوب. واختلف من مدة حبسه فقال سليمان:

ثلاثة أشهر. وقيل يحبس حتى يبيع والا باع القاضى وقضى عنه (٤).

ولا حبس على المفلس فى نفقة ولده، للأم أن تقبل منه ما قدر عليه أو تترك له ولده (٥).

ما يؤمر به المفلس فى سبيل وفائه

الدين وما لا يؤمر به

[مذهب الحنفية]

المديون الذى لا مال له يؤدى منه دينه أو الباقى من دينه بعد بيع ماله وقسمة ثمنه بين الدائنين لا يجبره القاضى على أن يؤجر نفسه أو يؤجره هو ليقضى الدين من أجرته (٦). وروى عن أبى يوسف: أنه يؤجره لقضاء دينه. وكذلك لو كان المفلس امرأة فلا يأمرها بالزواج ليقضى دينها من مهرها (٧).

وجاء فى البزازية لو وجد المديون من يقرضه فلم يفعل فهو ظالم.

[مذهب المالكية]

اذا حكم بافلاس الشخص وأخذ ما بيده فلا يلزمه أن يتكسب لدائنيه ليوفى ما بقى عليه من الدين وسواء كان قادرا على التكسب أم لا، لأن الدين انما تعلق بذمته، لقوله تعالى: «فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ» ولو عامله الدائنون على التكسب وشرطوا عليه ذلك اذا أفلس فلا يعمل بذلك الشرط‍، سواء كان صانعا أو تاجرا على المعتمد. وقال اللخمى: يجبر المفلس على التكسب اذا كان صانعا لا تاجرا وشرط‍ عليه التكسب اذا أفلس فى عقد الدين وكذلك لا يلزم المفلس أن يطلب مالا من أجد على وجه القرض لوفاء دينه. كما لا يلزمه قبول القرض ان عرض عليه غيره ذلك من غير طلب منه. كما لا يلزمه قبول الهبة والصدقة لذلك. ولا يلزمه أن يأخذ بالشفعة لطلب الزيادة فيما يأخذه بها، لأن فيه ابتداء ملك واستحداثه وهو لا يلزمه، لأنها معاملة أخرى، وكذلك لا يلزمه أن يعفو عن قصاص وجب له ليأخذ الدية يوفى بها ما عليه. بخلاف ما تجب فيه الدية لكونه خطأ أو عمدا لا قصاص فيه فيلزم بعدم العفو فيها، لأنها مال. وليس للدائن ولا للقاضى


(١) شرح النيل وشفاء العليل ج ٧ ص ١٧٠ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٧ ص ١٧١ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق وشفاء العليل ج ٧ ص ١٧٢ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق وشفاء العليل ج ٧ ص ١٧١.
(٥) شرح النيل وشفاء العليل ج ٧ ص ١٦٨ الطبعة السابقة.
(٦) العناية على الهداية بهامش نتائج الافكار ج ٥ ص ٤٧١ الطبعة السابقة.
(٧) تبيين الحقائق للزيلعى ج ٥ ص ١٩٩ الطبعة السابقة، الدر المختار بحاشية ابن عابدين ج ٤ ص ٣٢٨ الطبعة السابقة.