هذا المذهب المغرب وانتشر بين البربر، وحكمت منهم أسر لم يزل حكمها إلا بقيام دولة الفاطميين، والإباضية أكثر فرق الخوارج اعتدالا ولهم مذهبهم فى الإمامة وفى بعض العقائد. أما الفقه فإنهم فيه كغيرهم إلا بمقدار ما يتأثر بالمذهب السياسى وهم الآن بعمان، وشمال أفريقية، وزنجبار.
[د) طور التقليد]
الاتباع والتقليد لم يخل منهما عصر من العصور. فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا جميعا من المجتهدين فكان منهم المجتهد، وكان من يليه، وكان العامى وهكذا كان حال من جاءوا بعدهم. وما نعنى بطور التقليد إلا الطور الذى اختفى فيه ظهور أئمة مجتهدين مستقلين معترف لهم بذلك من الرأى العام الفقهى. ويبدأ هذا الطور من نهاية طور الاجتهاد وهو لم ينته بعد.
على أن هذا الطور لم يخل ممن ادعى الاجتهاد المطلق، أو ادعى له، كالقفال الصغير، وعز الدين بن عبد السلام، وابن دقيق العيد، والسبكى، الذى يقول الصفدى إن تسويته بالغزالى ظلم له وإنما هو كسفيان الثورى، وكابنه عبد الوهاب صاحب جمع الجوامع والطبقات الذى يكتب فى ورقة لنائب الشام:«أنا اليوم مجتهد الدنيا على الاطلاق ولا يقدر أحد يرد على هذه الكلمة».
وكان فى هذا العصر مجتهدون منتسبون كأبى جعفر الطحاوى المتوفى سنة ٣٢١ هـ من المنتسبين إلى مذهب أبى حنيفة، وكابن المواز، وقاسم الأموى القرطبى، والقاضى عبد الوهاب من المنتسبين إلى مذهب مالك، وكالمزنى ومحمد بن نصر المروزى وأبى بكر الصيرفى المنتسبين إلى مذهب أحمد وابن حزم المنتسب الى الظاهرية … فهؤلاء وأمثالهم كانت لهم موافقات للمذاهب التى انتسبوا إليها كما كانت لهم مخالفات واختيارات خارجة عنها.
وكان فى هذا الطور كثيرون من مجتهدى المسائل، أو من يسمون مجتهدى المذهب ومن أهل التخريج وأصحاب الوجوه وأهل الترجيح. فمن هؤلاء من الحنفية أبو منصور الماتريدى المتوفى سنة ٣٣٣ وأبو الحسن الكرخى المتوفى سنة ٣٤٠ والحاكم الشهيد المتوفى سنة ٣٤٤ والجصاص المتوفى سنة ٣٧٠. وإمام الهدى أبو الليث السمرقندى المتوفى سنة ٣٧٣، وأبو جعفر النسفى المتوفى سنة ٤١٤، وأبو على النسفى المتوفى سنة ٤٥٤ وأبو الحسن القدورى المتوفى سنة ٤٢٨ وأبو زيد الدبوسى المتوفى سنة ٤٣٠. وأبو العباس الناطفى المتوفى سنة ٤٤٠. وشمس الأئمة الحلوانى المتوفى سنة ٤٤٨، وشمس الأئمة السرخسى المتوفى سنة ٤٨٣، والصدر الشهيد المتوفى سنة ٥٣٦، وعلاء الدين الكاسانى المتوفى سنة ٥٨٧، وقاضيخان المتوفى سنة ٥٩٢ والميرغينانى المتوفى سنة ٥٩٣ هـ.
وكان من هؤلاء من المالكيين ابن أبى زيد القيروانى المتوفى سنة ٣٨٦، وأبو سعيد البرادعى صاحب التهذيب المتوفى سنة ٣٩٢، واللخمى المتوفى سنة ٤٧٨، والباجى المتوفى سنة ٤٩٤، وابن رشد المتوفى سنة