للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ» (١) فعم ولم يخص ولانهم كغيرهم فى العدالة فكانوا كعيرهم فى الشهادة وهذا خطأ لما روى ابن عمر رضى الله عنهما ان النبى عليه الصلاة والسّلام قال: لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذى أحنة. والظنين: المتهم، وهذا متهم لأنه يميل إليه ميل الطبع ولأن الولد بضعة من الوالد ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:

«يا عائشة إن فاطمة بضعة منى، يريبنى ما يريبها ولأن نفسه كنفسه وماله كماله» ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لأبى معشر الدرامى «أنت ومالك لأبيك» وقال عليه الصلاة والسلام «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه». ولهذا يعتق عليه إذا ملكه، ويستحق عليه النفقة إذا احتاج والآية نخصها بما ذكرنا والاستدلال بأنهم كغيرهم فى العدالة يبطل بنفسه فإنه كغيره فى العدالة ثم لا تقبل شهادته لنفسه وتقبل شهادة أحدهما على الآخر فى جميع الحقوق ومن أصحابنا من قال: لا تقبل شهادة الولد على الوالد فى إيجاب القصاص وحد القذف، لأنه لا يلزمه القصاص بقتله ولا حد القذف بقذفه فلا يلزمه ذلك بقوله والمذهب الأول لأنه إنما ردت شهادته له للتهمة ولا تهمة فى شهادته عليه (٢). وجاء فى كتاب «الأنوار لأعمال الأبرار» ان من شروط‍ من تقبل شهادته الانفكاك عن التهمة ولها أسباب.

الأول أن يجر الى نفسه نفعا وان يدفع عنها ضرا.

والثانى البعضية فلا تقبل شهادة فرع الأصل وان علا ولا لمكاتبه ولا لمأذونه ولا لشريكه ولا شهادة أصل لفرع وان نزل ولا لمكاتبه ولا لمأذونه ولا لشريكه سواء كان الأصل من قبل الأب أو الأم وسواء كان وارثا أو غير وارث ولو شهد ابنان ان أباها قذف ضرة أمهما أو طلقها أو خالعها قبلت: ولو ادعت الأم الطلاق فشهد ابناها لم يقبل ولو شهد ابتداء حسبة قبلت وكذا فى الرضاع وتقبل شهادة الوالد على الولد وبالعكس شهدا بمال أو عقوبة ولو كان بينهما عداوة فلا تقبل شهادة احدهما على الآخر ولا له (٣).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى «كشاف القناع» انه من موانع الشهادة قرابة الولادة فلا تقبل شهادة عمودى النسب بعضهم لبعض من والد وان علا ولو من جهة الأم كأب الأم وابنه وجده ومن ولد وإن سفل من ولد البنين والبنات لأن كلا من الوالدين والأولاد منهم فى حق صاحبه لأنه يميل إليه بطبعه بدليل قول النبى عليه الصلاة والسلام «فاطمة بضعة منى يريبنى ما أرأبها» وسواء اتفق دينهم أو اختلف وسواء جر بها نفعا للمشهود له أو لا كقذف وعقد نكاح.

الا من زنا أو رضاع فتقبل شهادة الولد لأبيه من زنا ورضاع وعكسه لعدم وجوب الإنفاق والصلة وعتق أحدهما على صاحبه وتقبل شهادة بعضهم على بعض (٤). لأن


(١) الآية رقم ٢٨٢ من سورة البقرة.
(٢) المهذب ح‍ ٢ ص ٣٤٧.
(٣) الأنوار الأعمال الأبرار للامام يوسف الاردبيلى الطبعة الأولى بمطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍، ١٩١٠ م وبهامشه حاشية الكمثرى وحاشية الحاج ابراهيم ح‍ ٢ ص ٣٣٢، ٣٣٣.
(٤) كشاف القناع عن متن الاقناع ح‍ ٤ ص ٢٦١، ٢٦٢.