للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى انه يجب على كل من التقط‍ لقطة أن يعرفها سواء أراد أن يتملكها أو ان يحفظها لصاحبها لأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر به زيد بن خالد وأبى بن كعب ولم يفرق ولأن حفظها لصاحبها انما يقيد باتصالها اليه وطريقة التعريف.

أما بقاؤها فى يد الملتقط‍ من غير وصولها الى صاحبها فهو وهلاكها سيان، ولأن أمساكها من غير تعريف تضييع لها عن صاحبها فلم يجز كردها الى موضعها أو القائها فى غيره ولأنه لو لم يجب التعريف لما جاز الالتقاط‍ لأن بقاءها فى مكانها اذا أقرب الى وصولها الى صاحبها اما بأن يطلبها فى الموضع الذى ضاعت فيه فيجدها واما بأن يجدها من يعرفها وأخذه لها يفوت الأمرين فيحرم فلما جاز الالتقاط‍ وجب التعريف كيلا يحصل هذا الضرر، ولأن التعريف واجب على من أراد تملكها فكذلك على من أراد حفظها فان التمليك غير واجب فلا تجب الوسيلة اليه فيلزم أن يكون الوجوب فى المحل المتفق عليه لصيانتتا عن الضياع عن صاحبها وهذا موجود فى محل النزاع.

وقدر التعريف سنة، روى ذلك عن عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب وعبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهم وبه قال ابن المسبب والشعبى. وروى عن عمر رواية أخرى أنه قال:

يعرفها ثلاثة أشهر، وعنه يعرفها ثلاثة أعوام، لأن أبى بن كعب روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بتعريف مائة دينار ثلاثة أعوام.

وقال أبو أيوب الهاشمى: ما دون الخمسين درهما يعرفها ثلاثة أيام الى سبعة أيام وقال الحسن بن صالح: ما دون عشرة دراهم يعرفها ثلاثة أيام وقال الثورى فى الدرهم يعرفه أربعة أيام وقال اسحاق ما دون الدينار يعرفه جمعة أو نحوها وروى أبو اسحاق الجوزجانى باسناده عن يعلى بن أمية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من التقط‍ درهما أو حبلا أو شبه ذلك فليعرفه ثلاثة أيام فان كان فوق ذلك فليعرفه سبعة أيام ويدل لنا حديث زيد بن خالد الصحيح، فإن النبى صلى الله عليه وسلم أمره بأن يعرفها عاما واحدا ولأن السنة لا تتأخر عنها القوافل، ويمضى فيها الزمان الذى تقصد فيه البلاد من الحر والبرد والاعتدال، فصلحت قدرا كمدة أجل العنين.

ويكون التعريف فى النهار دون الليل لأن النهار مجمع الناس وملتقاهم دون الليل ويكون ذلك فى اليوم الذى وجدها فيه والأسبوع أكثر لأن الطلب فيه أكثر ولا يجب فيما بعد ذلك متواليا.

ويعرفها فى مكان التعريف وهو الأسواق وأبواب المساجد والجوامع فى الوقت الذى يجتمعون فيه كأدبار الصلوات فى المساجد وكذلك فى مجامع الناس لأن المقصود اشاعة ذكرها واظهارها ليظهر عليها صاحبها فيجب تحرى مجامع الناس ولا ينشدها فى المسجد لأن المسجد لم يبن لهذا وقد روى أبو هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سمع رجلا ينشد ضالة فى المسجد فليقل لأردها الله اليك فى المساجد لم تبن لهذا «وأمر عمر رضى الله تعالى عنه من وجد القطة بأن يعرفها على باب المسجد».

وللملتقط‍ بأن يتولى التعريف بنفسه وله أن يستنيب فيه فان وجد من يتبرع بذلك كان بها والا فان أحتاج الى أجر فهو على الملتقط‍ لأن هذا أجر واجب على المعرف فكان عليه كما لو قصد تملكها ولانه لو وليه بنفسه لم يكن له أجر على صاحبها فكذلك اذا استأجر عليه لا يلزم صاحبها شئ ولأنه سبب لملكها فكان على الملتقط‍ كما لو قصد تملكها ويكون التعريف بذكر جنسها لا غيره، فيقول: من ضاع منه ذهب أو فضة أو دنانير أو ثياب ونحو ذلك لقول عمر رضى الله تعالى عنه لمن وجد الذهب بطريق الشام ولا تصفها لأنه لو وصفها لعلم صفتها من يسمعها فلا تبقى صفتها دليلا على ملكها ولأنه لا يأمن أن يدعيها بعض من سمع صفتها ويذكر صفتها التى يجب