على الوارث الذى أقر بالدين أن يؤديه جميعه من نصيبه فى الميراث. فان وفى نصيبه من الميراث به كان بها وان لم يوف بالدين فيوفى منه بقدر ما أخذ وهذا هو ظاهر الرواية وأقوال أئمة المذاهب. واختار أبو الليث ألا يلزم المقر بأكثر من حصته فى الدين. وقال ان ذلك اعدل وابعد عن الضرر ووافقه على رأيه الشعبى والحسن البصرى ومالك وسفيان وابن أبى ليلى وكثير غيرهم … وينبنى على ذلك انه اذا مات الميت عن ثلاثة بنين وترك ثلاثة آلاف جنيه لكل ابن منهم الف. فادعى رجل أن له على أبيهم مورثهم الف جنيه فاقر احد الابناء الوارثين بذلك الدين وأنكره الاثنان الآخران. فعلى المذهب يلزم الابن المقر بالدين بالالف جميعها فيعطى جميع ما فى يده للمقر له بالدين ..
وعلى رأى الفقيه أبى الليث يلزم بحصته من الدين وهى الثلث فيعطى المقر له ثلث ما فى يده ويستبقى لنفسه الثلثين .. وأنه لو ادعى رجل على الميت ثلاثة آلاف جنيه والمسألة بحالها. الزم المقر بالدين بان يعطى المقر له جميع ما فى يده على المذهب لأنه لم يأخذ من التركة غير الألف وهو لا يلزم بأزيد مما أخذ .. وكذلك يلزم على رأى ابى الليث بأن يؤدى للمقر له جميع ما فى يده لأنه باقراره له بالثلاثة آلاف قد أقر بأنه وأخويه لا يستحقون ميراثا لأن التركة كلها ملك للدائن. وبما أنه قد أخذ من التركة ألفا فقط فيجب عليه اداء هذه الألف للمقر له - وهذا اذ حكم القاضى بالدين بمقتضى الاقرار فلو حكم به بمقتضى بينة أقامها مدعى الدين بعد اقرار الوارث أو بشهادة الوارث المقر مع آخر بالدين قبل الحكم لم يلزم المقر الا بحصته من الدين باتفاق .. وهذا فى اقرار الوارث بالدين. فلو اقر بوصية لم يؤاخذ المقر الا بما يخصه فيها بالاتفاق.
[اقرار الصحيح]
يراد بالصحيح هنا من ليس مريضا مرض الموت ولا ملحقا به. وسيأتى تفسير مرض الموت عند الكلام على اقرار المريض .. وحكم الصحيح أنه يصح اقراره بالمال وبالعين وبالدين وباستيفاء الدين والابراء منه للوارث ولغير الوارث وللفرد والجماعة فى وقت واحد أو فى أوقات مختلفة. وبكل شيئ يجوز الاقرار به شرعا وليس لأحد الاعتراض عليه .. وله أن يؤثر احد الدائنين على الباقين فى اداء ديونهم ولا يكون لهم ولا لأحد منهم أن يشاركوه فيما أخذ لما هو مقرر ومعروف من ان الدين فى حالة الصحة لا يتعلق بالمال بل بالذمة فلا يكون فى ايثار البعض بالوفاء ابطال لحق الباقين. اللهم الا أن يقر لرجلين بدين مشترك فان فى هذه الحالة اذا أعطى واحد منهما شيئا من الدين على انه من نصيبه يشاركه الثانى فيما قبضه لأنه قبض دينا مشتركا فلشريكه أن بأخذ منه نصيبه.
[اقرار المريض]
المراد بالمريض هنا. المريض مرض الموت وهو المريض الذى يغلب على حالة الهلاك وأن لم يكن ملازما للفراش ولم يمنعه مرضه من قضاء حوائجه الخارجة ان كان رجلا او الداخلة ان كان امرأة. فما كان من الأمراض المزمنة التى طالت ولم يخش منها الهلاك كالفالج والشلل، ونحوه لا يعتبر