للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجوز إتلاف المنكرات من الأعيان والصور وإتلاف محلها تبعا لها مثل الأصنام المعبودة من دون الله. ولما كانت صورها منكرة فإنه يجوز إتلاف مادتها فإذا كانت حجرا أو خشبا أو نحو ذلك جاز تكسيرها وتحريقها وكذلك آلات الملاهى كالطنبور يجوز إتلافها عند أكثر الفقهاء ومن الإتلاف إحراقها وقال أبو الحصين:

كسر رجل طنبورا فخاصمه إلى شريح فلم يضمنه شيئا وقد رجحه ابن القيم لأن الله سبحانه وتعالى اخبر موسى عليه السلام أن يحرق العجل وكان من ذهب وفضة، وذلك محق بالكلية.

وأن النبى صلى الله عليه وسلم رأى بيد عمر كتابا اكتتبه من التوراة وأعجبه موافقته للقرآن فتمعر (أى ظهر الغضب على وجهه صلى الله عليه وسلم) حتى ذهب عمر إلى التنور فألقاه فيه.

وأنه يجوز إحراق آلات السحر والتنجيم ومخازن الخمر وحرق الصحابة جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان لما خافوا على الأمة من الاختلاف. وكذلك الكتب المشتملة على بدعة تتلف ولا ضمان على اتلافها واحراقها.

وقالوا: يحرق بيت الخمار وأماكن المعاصى وأنه يستحب أن يحرق بيت المسلم الخمار الذى يبيع الخمر وكذلك النصرانى يبيع الخمر للمسلمين فإن لم ينته فإنه يحرق بيته عليه بالنار.

وحرق عمر بن الخطاب بيت روشن الثقفى لأنه كان يبيع الخمر.

وقال ابن قدامة: إن أبا بكر أمر بتحريق أهل الردة بالنار وفعل خالد بن الوليد ذلك. وإنما روى حمزة الأسلمى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن أخذتم فلانا فأحرقوه بالنار.

ثم رجع فقال إن أخذتم فلانا فاقتلوه ولا تحرقوه فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار.

[مذهب الظاهرية]

وعند الظاهرية (١): قال أبو محمد بن حزم إنه يجوز إحراق بيت الخمار كفعل عمر بن الخطاب رضى الله عنه. ويكون ذلك حدا مفترضا، لأن عمر فعله. وروى أن من فعل فعل قوم لوط‍ يحرق عند البعض بالنار إلا أنه ضعف الأحاديث التي استدل بها فى ذلك، لأنه قد صح أنه لا قتل عليه، وحكمه حكم من أتى منكرا فالواجب بأمر النبى صلى الله عليه وسلم تغييره باليد أو الفعل أو القول.

[مذهب الزيدية]

وقال الزيدية (٢): تحرق دفاتر الكفر وكتب الزنادقة والمشبهة وأوراقهم، وذلك إن تعذر تسويدها وردها إلى المالك. وإذا وجدت فى الغنيمة دفاتر كفر فتحرق إن لم يمكن محوها. أما التوراة والإنجيل فتمحى ولا تحرق، وكذلك سائر الصحف النبوية


(١) المحلى ج‍ ١١ ص ٣١٥، ٣٨٠.
(٢) شرح الأزهار ج‍ ٤ ص ٥٨٣، والبحر الزخار ج‍ ٥ ص ٤٢٩.