للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى هشام عن محمد رحمهما الله تعالى فى السمك اذا كان بعضها فى الماء وبعضها على الأرض: أنها ان كان رأسها على الأرض أكلت وان كان رأسها أو أكثره فى الماء لم تؤكل لأن رأسها موضع نفسها فاذا كان خارجا من الماء فالظاهر أنه مات بسبب حادث واذا كان فى الماء أو أكثره فى الماء فالظاهر أنه مات فى الماء بغير سبب.

وقالوا فى سمكة ابتلعت سمكة أخرى:

أنها تؤكل لأنها ماتت بسبب حادث.

ولو مات من الحر والبرد وكدر الماء ففيه روايتان.

فى رواية لا يؤكل لأن الحر والبرد وكدر الماء ليس من أسباب الموت ظاهرا فلم يوجد الموت بسبب حادث يوجب الموت ظاهرا وغالبا فلا يؤكل.

وفى رواية يؤكل لأن هذه أسباب الموت فى الجملة، فقد وجد الموت بسبب حادث، فلم يكن طافيا فيؤكل.

ويستوى فى حل الأكل جميع أنواع السمك من الجريث والمارماهى (١) وغيرهما لأن ما ذكرنا من الدلائل فى اباحة السمك لا يفصل بين سمك وسمك الا ما خص بدليل وقد روى عن سيدنا على وعبد الله ابن عباس رضى الله تعالى عنهم اباحة الجريث والسمك الذكر ولم ينقل عن غيرهما خلاف ذلك فيكون اجماعا (٢).

[مذهب المالكية]

جاء فى شرح الخرشى: أن المباح من الحيوان البحرى كله وان كان ميتا سواء وجد راسيا فى الماء أو طافيا أو فى بطن حوت أو طير وسواء ابتلعه ميتا أو حيا ومات فى بطنه ويغسل ويؤكل وسواء صاده مسلم أو مجوسى ويشمل البحرى آدمى الماء وكلبه وخنزيره وهو المعتمد. وما عداه لا يعول عليه.

ثم ان ميتة البحر طاهرة ولو تغيرت ونتنت كالملوحة الا أن يتحقق ضررها فتحرم لذلك لا لنجاستها، وكذلك المذكى ذكاة شرعية طاهر ولو تغير ونتن، ويؤكل ما لم يتحقق ضرره. والطافى هو الذى يرتفع ويعلو على وجه الماء الا أنه اذا باعه يبين لأن النفوس تنفر منه، وكذا يبين فيما اذا كان فى بطن طير (٣).


(١) الجريث بالجيم المكسورة والراء المشددة سمك اسود وقيل: هو نوع من السمك مدور كالترس. ولمارماهى بسكون الراء على ما جاء فى لسان العرب لابن منظور مادة جريث وفتح الراء على ما جاء فى الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية من كتب الامام هو سمك فى صورة الحية.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٥ ص ٣٦ نفس الطبعة المتقدمة.
(٣) شرح الخرشى ج ٣ ص ٢٦ على مختصر أبى الضياء سيدى خليل فى كتاب على هامشه حاشية العدوى الطبعة الثانية طبع المطبعة الأميرية ببولاق بمصر سنة ١٣١٧ هـ‍.