للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه مُدَعى عليه عقدًا على مِلكه وهو ينكره، فأشبه إذا أصدقها دراهم فدفع إليها عِوضًا ثم اختلفا وحلفَ أنه دفعَ إليها ذلك من صداقِها فللمرأة رد العوض ومطالبته بصداقها، قال أحمد في روايةِ الفضَلِ بن زياد في رجل تزوج امرأة على صداق ألف فبعث إليها بقيمته متاعًا وثيابًا ولم يخبرْهم أنه من الصداق؛ فلما دخل سألتْه الصداق فقال لها: قد بعثتُ إليك بهذا المتاعِ واحتسبتهُ من الصداق، فقالت المرأة: صداقى دراهمٌ: تَرُدُّ الثياب والمتاع وترجع عليه بصداقها (١)، فهذهِ الرواية إذا لم يخبرْهم أنه صداق. فأما إذا ادعى أنها أخْذَتهُ على أنه من الصداقِ، وادعت هي أنه قال: هو هبة فينبغى أن يحلف كل واحدٍ منهما ويتراجعان بما لكل واحد منهما (٢).

وإذا أنكر الزوج تسمية الصداق وادعى أنه تزوجها بغير صداق فإن كان بعد الدخول نظرنا، فإن ادعت المرأة مهر المثل أو دونه وجبَ ذلك من غير يمينٍ؛ لأنها لو صدقته في ذلك لوجب مهر المثل فلا فائدة في الاختلافِ، وإن ادعت أقل من مهر المثل فهى مقرة بنقصها عما يجب لها بدعوى الزوج فيجب أن يقبل قولها بغيرِ يمينٍ، وإن ادعت أكثر من مهر المثلٍ لزمته اليمين على نفى ذلك ويجبُ لها مهرُ المثلِ. وإن كان اختلافهما قبل الدخول انبنى على الروايتين فيما إذا اختلفا في قدر الصداق، فإن قلنا: القول قول الزوج فلها المتعة، وإن قلنا: القول قول من يدعى مهر المثل قبل قولها ما ادعت مهر مثلها، هذا إذا طلقها، وإن لم يطلقها فرضَ لها مهرَ المثلِ على الروايتين، وكل من قلنا القول قوله فعليه اليمين (٣).

رابعًا: إنكار النفقة

جاء في (المغنى): أنه إن اختلف الزوجان في الإنفاقِ على الزوجةِ أو في إقباضها نفقتها فالقول قول المرأة؛ لأنها منكرة والأصل معها، وإن اختلفا في التمكين الموجب للنفقة أوفى وقته فقالت: كان ذلك من شهر، فقال: بل من يوم فالقول قوله؛ لأنه منكر والأصل معه، وإن اختلفا في يساره فادعته المرأة ليفرض لها نفقة الموسرين أو قالت: كنتَ موسرًا. وأنكر ذلك فإن. عُرِف له مال فالقول قولها وإلا فالقول قوله؛ لأن قوله يوافق الأصل فَقَدِمْ كما لو كان مقيمًا معها، وكل من قلنا القول قوله فلخصمه عليه اليمين، لأنها دعاوى في المال فأشبهت دعوى الدين، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ولكن اليمين على المُدَعى عليه" (٤)، وإن دفع الزوج إلى امرأته نفقة وكسوة أو بعث به إليها فقالت: إنما بعثت ذلك تبرعًا وهبة، وقال: بل وفاء للواجب عليّ فالقول قوله؛ لأنه أعلم بنيته فأشبه ما لو قضى دينه واختلف هو وغريمه في نيته (٥).

وإن طلق امرأته وكانت حاملًا فوضعت فقال: طلقتك حاملًا فانقضت عدتك بوضع الحمل وانقطعت نفقتك ورَاجْعْتُكِ، وقالت: بل بعد الوضعِ فلى النفقة ولك الرجعة، فالقول قولها؛ لأن الأصل بقاء النفقة وعدم المسقط لها وعليها


(١) المغنى: ٨/ ٤٢ - ٤٣.
(٢) السابق: ٨/ ٤٤.
(٣) المغنى: ٨/ ٤٥.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) المغنى: ٩/ ٢٥٣.