للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى لابن حزم أنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «الاصابع سواء هذه وهذه سواء» يعنى الخنصر والإبهام وأنه عليه الصلاة والسّلام قال: «الأصابع عشر عشر» قال أبو محمد وباليقين ندرى أنه ليس ههنا الا عمد أو خطأ وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رفع عن أمتى الخطأ» وصح قول الله سبحانه وتعالى: «وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ» (١) فسقط‍ أن يكون فى الخطأ غرامة أصلا فيما دون النفس، وسقط‍ أن يكون فى الخطأ دية أصلا، وتكون الدية على العامد فى ذلك واجبة بلا شك فان الله سبحانه وتعالى يقول:

{وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها» (٢) وكان العامد مسيئا بسيئته فالواجب بنص القرآن أن يساء إليه بمثلها، والدية إذا أوجبها الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفى اساءة مسئ فهى مثل سيئة ذلك المسئ بلا شك وكذلك الحدود إذا أمر الله تعالى بها أيضا فإذا فاتت المماثلة بالقود فى الأصابع وجبت المماثلة فى الدية بذلك (٣).

أما مفاصل الأصابع فالذى نقول به هو أن النبى صلى الله عليه وسلم حكم فى كل إصبع بعشر من الإبل فواجب بلا شك إن العشر المذكورة مقابلة للإصبع ففى كل جزء من الاصبع جزء من العشر فعلى هذا، فى نصف الإصبع نصف العشر وفى ثلث الإصبع ثلث العشر وهكذا فى كل جزء وأما الاصبع تشل فقد جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم: «فى الأصابع عشر عشر» فهذا عموم لا يخرج عنه الا ما أخرجه نص أو اجماع وقد قيل: ان فى شلل الاصبع دية كاملة، فالواجب القول بذلك لعموم النص الذى ذكر، وأما كسره فيفيق عنتا أو صحيحا الا أنه لم يبطل فلا شئ فى ذلك، وهذا النص يقتضى أن أصابع اليدين والرجلين سواء لعموم ذكره عليه الصلاة والسّلام الاصابع وبالنسبة للاصبع الزائدة فاسم الاصبع فى النص يقع على زائدة. ولم يخص عليه الصلاة والسّلام أصبعا زائدة من غيرها، ولو أراد ذلك لبينه فواجب أن يكون فى الاصبع الزائدة ما فى سائر الأصابع (٤).

وأصابع المرأة سواء بنص حكم الرسول صلّى الله عليه وسلّم اذ يقول: الأصابع سواء هذه وهذه» فصح يقينا أن أصابع المرأة سواء وأن أصابع الرجل سواء فاذ ذلك كذلك.


(١) الآية رقم ٥ من سورة الأحزاب.
(٢) الآية رقم ٤٠ من سورة الشورى.
(٣) المحلى لابن حزم ج ١٠ ص ٤٣٥ - ٤٣٦ مسألة رقم ٢٠٣٧ الطبعة الاولى بادارة الطباعة المنيرية بشارع الأزهر بمصر تحقيق محمد منير الدمشقى.
(٤) المحلى ج ١٠ ص ٤٣٧ - ٤٣٨ مسألة رقم ٢٠٣٨ نفس الطبعة.