للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كان اكراهه على القتل بحبس لم يضمن المكره بالكسر شيئا لأن الالجاء لم يحصل بالاكراه بالحبس.

ولو أكره البائع بوعيد تلف وأكره المشترى على الشراء والقبض والقتل بالحبس فالبائع بالخيار ان شاء ضمن المكره قيمة عبده لأنه كان ملجأ من جهته الى البيع والتسليم فيكون متلفا عليه ملكه. وان ضمنه قيمته رجع المكره بالكسر بها على المشترى لأنه لم يكن ملجأ الى القتل ولا الى العتق وان شاء البائع ضمن المشترى قيمة عبده لأن فعله فى القبض والعتق مقصور عليه فيكون ضامنا له قيمته ولو كان أكره المشترى على الشراء بالحبس وعلى القتل عمدا بالقتل فالبائع بالخيار ان شاء ضمن المكره قيمة عبده لما بينا. واذا ضمنه لم يرجع هو على المشترى بشئ لأن المشترى كان ملجأ الى القتل من جهته فيصير فعله منسوبا الى المكره بالكسر فكأنه قتله بيده وذلك منه استرداد للعبد وزيادة فلا يضمن المشترى لذلك بخلاف ما سبق. فالاكراه بالحبس على الفعل لا يجعل منسوبا الى المكره. وان شاء البائع ضمن المشترى قيمة العبد لأن فعله فى الشراء والقبض مقصور عليه اذ كان مكرها على ذلك بالحبس. فان ضمنه كان للمشترى أن يقتل المكره لأن العبد تقرر فى ملكه من حين قبضه لذلك ضمن قيمته وتبين من ذلك أن اللص أكرهه على قتل عبده عمدا بوعيد تلف وذلك يوجب القود على المكره.

والقبض والقتل بالوعيد بالقتل فلا ضمان على المشترى لأنه بمنزلة الآلة فى جميع ما كان منه للاكراه الملجئ ويغرم المكره قيمة العبد لمولاه لأن فعله فى البيع والتسليم وان لم يصر منسوبا الى المكره فضل المشترى بالقبض والقتل صار منسوبا الى المكره فكأن المكره هو الذى فعل بنفسه الا أنه سقط‍ عنه القود استحسانا لاشتباه المستوفى فيجب عليه ضمان قيمته لمولاه.

وان كان أكره المشترى على الشراء والقبض بوعيد تلف وأكرهه على القتل أو العتق أو التدبير بالحبس فلا ضمان على المكره لأن البائع بعد قبض المشترى كان متمكنا من استرداد العين وانما تعذر عليه ذلك بالقتل أو العتق أو التدبير وذلك مقصور على المشترى غير منسوب الى المكره لأنه كان مكرها على ذلك بالحبس فلهذا لا ضمان على المكره.

ويضمن المشترى قيمة العبد لأن اقدامه على هذه التصرفات بمنزلة الرضا منه كما لو كان طائعا. لكن الاكراه منع تمام الرضا فلهذا كان ضامنا قيمته للبائع (١).

الاكراه على البيع ثم يبيعه

المشترى الى آخر أو يعتقه

[مذهب الحنفية]

اذا باع المشترى من المكره بالفتح الى آخر على حين كان البائع الأول للمشترى مكرها على


(١) المبسوط‍ للسرخسى ج‍ ٢٤ ص ١١٦، ص ١١٧، ص ١١٨.