وكان شريح يجرى فى قضائه فى خلافة عمر على ذلك.
والنكول: إما حقيقى، وهو أن يقول المدعى عليه: لا أحلف.
وإما حكمى، وهو أن يسكت عن الحلف والامتناع عنه مع عدم الآفة من صمم أو خرس.
ولا يصير النكول حجة عند الحنفية يباح للقاضى أن يحكم بناء عليها إلا إذا توافرت شروط صحته، بأن يكون فى مجلس القضاء وبعد عرض اليمين فيه، فإذا حصل العرض فى غير المجلس أو حصل العرض فيه وحصل النكول فى غيره لم تتوفر الحجة ولم يجز الحكم بمقتضاه، وأن يكون النكول عن يمين واجبة على المدعى عليه شرعا، وأن تكون بناء على عرض القاضى حتى لو امتنع عن حلف يمين موجهة من الخصم لا يعتبر ناكلا.
ولا تكون اليمين واجبة شرعا إلا إذا كان المدعى عليه منكرا للحق المدعى به وكانت بطلب المدعى إلا فى الأشياء التى يحلف فيها القاضى من غير طلب. وألا تكون للمدعى بينة حاضرة بمجلس القضاء. وأن تكون الدعوى صحيحة شرعا. وألا يكون المدعى به حقا خالصا لله تعالى كالحدود وما فى حكمها كاللعان.
وأن يكون المدعى به مما يجوز الإقرار به شرعا من المدعى عليه ولا يقضى بالنكول فى القصاص فى النفس، وإنما يحبس الناكل حتى يحلف أو يقر عند الامام أبى حنيفة.
ويجب عليه المال عند الصاحبين، وللمدعى عند النكول أن يقدم بينة على دعواه ليبنى الحكم عليها ويتعدى إلى غير المدعى عليه، لأن النكول فى معنى الإقرار وهو حجة قاصرة على صاحبه لا يتعداه إلى غيره بخلاف البينة.
والقضاء بالنكول لا يمنع المقضى عليه من أن يدفع دعوى المدعى المحكوم فيها بدفع يبطلها ويقيم عليه البينة فيثبت وينقض به الحكم المبنى على النكول، بشرط ألا يكون الدفع مناقضا لما تضمنه النكول الذى هو بمثابة الإقرار.
ولو قضى بالنكول ثم أراد المدعى عليه أن يحلف لا يلتفت إليه لأنه أبطل حقه، أما لو أراد الحلف قبل القضاء جاز لأن النكول لا يعتبر حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء.
وقد اختلف الإمام والصاحبان فى اعتبار النكول بذلا أو إقرارا وترتب على هذا الخلاف خلاف فى بعض المسائل والأحكام، مجال تفصيلها فى مصطلح نكول (انظر:
نكول) (١).
[مذهب المالكية والشافعية]
ويرى المالكية والشافعية أن النكول ليس طريقا للقضاء، ولا يحكم القاضى بالمدعى بناء عليه وحده، وانما ترد اليمين
(١) ابن عابدين ج ٤ ص ٦٥٢ وما بعدها.