بوضعه، ثم استأنفت العدة من الثاني بالأقراء بعد الطهر من النفاس، وإن كان الحمل من الثاني انقضت عدتها منه بوضعه ثم أتمت عدة الأول وتقدم عدة الثاني ها هنا على عدة الأول؛ لأنه لا يجوز أن يكون الحمل من الثاني وتعتد من الأول، وإن أمكن أن يكون كل واحد منهما عرض على القافة فإن ألحقته بالأول انقضت به عدته، وإن ألحقته بالثانى انقضت به عدته، وإن ألحقته بهما أو نفته عنهما أو م تعلم أو م تكن قافة لزمها أن تعتد بعد الوضع بثلاثة أقراء، لأنه إن كان من الأول لزمها للثانى ثلاثة أقراء؛ وإن كان من الثاني لزمها إكمال العدة من الأول فوجب أن تعتد بثلاثة أقراء ليسقط الفرض بيقين.
وإذا طلق الرجل زوجته طلاقًا رجعيًا ثم وطئها في العدة وجبت عليها عدة بالوطء؛ لأنه وطء في نكاح قد تشعث فهو كوطء الشبهة، فإن كانت من ذوات الأقراء أو من ذوات الشهور لزمها أن تستأنف العدة وتدخل فيها البقية من عدة الطلاق؛ لأنهما من واحد، وله أن يراجعها في البقية؛ لأنها من عدة الطلاق، فإذا مضت البقية لم يجز أن يراجعها؛ لأنها في عدة وطء وشبهة، وإن حملت من الوطء صارت في عدة الوطء حتى تضع.
وهل تدخل فيها بقية عدة الطلاق؟ فيه وجهان، أحدهما: تدخل؛ لأنهما لواحد تدخلت إحداهما في الأخرى كما لو كانتا بالأقراء. والثانى: لا تدخل؛ لأنهما جنسان فلم تدخل إحداهما في الأخرى.
وإذا خالع امرأته بعد الدخول فله أن يتزوجها في العدة. وقال المزنى: لا يجوز كما لا يجوز لغيره، وهذا خطأ؛ لأن نكاح غيره يؤدى إلى اختلاط الأنساب، ولا يوجد ذلك في نكاحه. وإن تزوجها انقطعت العدة.
وقال أبو العباس: لا تنقطع قبل أن يطأها كما لا تنقطع إذا تزوجها أجنبى قبل أن يطأها وهذا خطأ، لأن المرأة تصير فراشًا بالعقد، ولا يجوز أن تبقى مع الفراش عدة، ولأنه لا يجوز أن تكون زوجته وتعتد منه، ويخالف الأجنبى فإن نكاحه في العدة فاسد، فلم تعد فراشًا إلا بالوطء، فإن وطئها ثم طلقها لزمها عدة مستأنفة، تدخل فيها بقية الأولى، وإن طلقها قبل أن يطأها لم يلزمها استئناف عدة؛ لأنها مطلقة في نكاح قبل المسيس فلم تلزمها عدة، كما لو تزوج امرأة وطلقها قبل الدخول، وعليها أن تتمم ما بقى عليها من العدة الأولى؛ لأنا لو أسقطنا البقية أدى ذلك إلى اختلاط المياه وفساد الأنساب، لأنه يتزوج امرأة ويطأها ثم يخلعها ثم يتزوجها آخر فيطأها ثم يخلعها ثم يتزوج آخر ويفعل مثل ذلك إلى أن يجتمع على وطئها في يوم واحد كثيرون وتختلط المياه وتفسد الأنساب (١).
[مذهب الحنابلة]
جاء في (كشاف القناع): أنه إذا انقطع حيض المرأة في المرة الثالثة ولما تغتسل فهل تنقضى عدتها بانقطاع الدم؟ فيه روايتان ذكرهما ابن حامد: إحداهما: لا تنقضى عدتها حتى تغتسل، ولزوجها رجعتها في ذلك. وهذا ظاهر كلام الخرقى فإنه قال في العدة: فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة أبيحت للأزواج، وهذا قول كثير من أصحابنا، وروى ذلك عن عمر وعلى وابن مسعود وسعيد بن المسيب والثورى وأبى عبيد،