للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لزمت اليمين المدعى عليه بطلب المدعى فى غير حقوق الله تعالى المحضة إذ لا يحلف فى هذه الحقوق عندهم وبشروط‍ أخرى. فإن حلف المدعى عليه حكم بسقوط‍ دعوى المدعى وإن نكل حكم عليه بالحق بمقتضى النكول عند الهادى والناصر، إذا كان النكول فى المجلس. وذلك فى غير الحدود والقصاص والنسب.

أما هذه فلا يحكم فيها بالنكول وإن نكل ثم أراد الحلف إن كان قبل الحكم أجيب وأن كان بعده لا يجاب وإن حلف المدعى عليه اليمين ثم أحضر المدعى البينة قبلت منه قبل الحكم ولا تقبل بعده، وفى البحر الزخار: «واليمين شرعت لقطع الخصومة فى الحال إجماعا لا لقطع الحق.

فتقبل البينة بعدها، إذ البينة العادلة حق من اليمين الفاجرة، وقيل لقطع الحق فلا تقبل البينة».

[مذهب الإمامية]

جاء فى المختصر النافع (١): وإن قال المدعى لا بينة لى عرفه الحاكم أن له اليمين (أى له تحليف المدعى عليه)، ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعى، فإن تبرع أو أحلفه الحاكم لم يعتد بها وأعيدت مع التماس المدعى ثم المنكر، اما أن يحلف أو يرد أو ينكل فإن حلف سقطت الدعوى ولو ظفر له المدعى بمال لم يجز له المقاصة.

ولو عاود الخصومة لم تسمع دعواه ولو أقام بينة لم تسمع، وقيل يعمل بها ما لم يشترط‍ الحالف سقوط‍ الحق بها.

ولو أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته، فإن رد اليمين على المدعى صح فإن حلف استحق وإن امتنع سقطت، ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر قضى عليه بالنكول وهو المروى، وقيل: «يرد اليمين على المدعى فإن حلف ثبت حقه، وإن نكل بطل الحق، ولو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بالنكول لم يلتفت إليه».

[الشاهد واليمين]

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية: لا يصح القضاء بالشاهد الواحد ويمين المدعى، لأن اليمين لم تشرع من جانب المدعى مطلقا، وإنما شرعت من جانب المدعى عليه فى الحديث المشهور «البينة على المدعى واليمين على من أنكر» قسم بينهما، والقسمة تنافى الشركة والألف واللام فى البينة واليمين للجنس، وإذا كان قد جعل من جانب كل منهما جنسا فقبول اليمين من جانب المدعى يخالف ذلك.

وقد رسم الله تعالى طريق الإثبات فى الآية الكريمة: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ.}. الآية (٢)». وجعل الشاهد الواحد واليمين طريقا للإثبات من جانب المدعى يخالف ذلك (٣).

[مذهب المالكية والشافعية والحنابلة.]

وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى صحة القضاء بالشاهد الواحد واليمين من جانب المدعى، لما رواه أحمد ومسلم وأبو


(١) ص ٢٨١ وما بعدها.
(٢) الآية ٢٨٢ سورة البقرة.
(٣) تنوير الأبصار وشرحه الدر وحاشية ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٥١٢.