للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اذا كان له أربعة أشهر ولو كان دونها لف فى حرقة ودفن بغير غسيل وألا يكون شهيدا ولا من وجب عليه القتل فان الأخير يؤمر بالاغتسال قبل قتله ثم لا يغسل بعد ذلك (١).

[مذهب الإباضية]

قال الإباضية: الواجب غسل كل ميت من أهل الاسلام بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الا الشهيد فان النبى صلى الله عليه وسلم خصه من جملة موتى المسلمين بعدم الغسل لقول النبى صلى الله عليه وسلم «زملوهم فى ثيابهم ودمائهم» والشهيد عندنا من قتل فى الحرب وان كان الشهيد جنبا فانه يغسل وقيل لا وقيل ان مات فى يومه فلا يغسل والا غسل وقيل يغسل الشهيد مطلقا والمشهور الأول (٢).

[من يغسل الميت]

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية: الجنس يغسل الجنس فيغسل الذكر الذكر والأنثى الأنثى لأن حل المس من غير شهوة ثابت للجنس فى حالة الحياة فكذا بعد الموت وسواء كان الغاسل جنبا أو حائضا لأن المقصود هو التطهير حاصل فيجوز وروى عن أبى يوسف أنه كره للحائض لأنها لو اغتسلت بنفسها لم تعتد به فكذا اذا غسلت ولا يغسل الجنس خلاف الجنس لأن حرمة المس عند اختلاف الجنس ثابتة حالة الحياة فكذا بعد الموت، والمجبوب والخصى فى ذلك مثل الفحل كما فى حالة الحياة لأن كل ذلك منهى عنه والمرأة تغسل زوجها اذا لم تثبت البينونة فى حالة حياته ولم يحدث بعد وفاته ما يوجب البينونة فاذا مات رجل فى سفر فان كان معه رجال يغسله رجل وان كان معه نساء لا رجل فيهن فان كان فيهن امرأته غسلته.

والمرأة تغسل زوجها لما روى عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت لو استقبلنا من الأمر ما استدبرنا لما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الا نساؤه ومعنى ذلك أنها لم تكن عالمة وقت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم باباحته ثم علمت بعد ذلك.

وروى أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه أوصى الى امرأته أسماء بنت عميس أن تغسله بعد وفاته وهكذا فعل أبو موسى الأشعرى ولأن اباحة الغسل مستفادة بالنكاح فتبقى ما بقى النكاح والنكاح بعد الموت باق الى وقت انقطاع العدة بخلاف ما اذا ماتت المرأة حيث لا يغسلها الزوج لأن هناك انتهى ملك النكاح لانعدام المحل فصار الزوج أجنبيا فلا يحل له غسلها واذا بانت الزوجة من الزوج قبل وفاته بأن طلقها ثلاثا أو بائنا ومات وهى فى العدة لا يباح لها غسله وكذا لو ارتدت عن الاسلام ثم أسلمت بعد موته لأن الردة توجب زوال ملك النكاح وكذا اذا قبلت ابن زوجها ثم مات وهى فى العدة لأن الحرمة ثبتت بالتقبيل على سبيل التأبيد فبطل ملك النكاح ولو طلقها طلاقا رجعيا ثم مات وهى فى العدة لها أن تغسله لأن الطلاق الرجعى لا يزيل ملك النكاح أما اذا حدث ما يوجب البينونة بعد وفاة الزوج لا يباح لها أن تغسله عندنا وعند زفر يباح ووجه ذلك عند زفر أن الردة بعد الموت لا ترفع النكاح لأنه ارتفع بالموت فبقى حال الغسل كما كان بخلاف الردة فى حالة الحياة.

ولنا أن زوال النكاح موقوف على انقضاء العدة فكان النكاح قائما فيرتفع بالردة وان لم يبق مطلقا فقد بقى فى حق حل المس.


(١) الروضة البهية شرح اللغة الدمشقية للشهيد السعيد الجبلى العاملى ج‍ ١ ص ٣٨ الطبعة السابقة وشرائع الاسلام فى الفقه الاسلامى الجعفرى للحقق الحلى ج‍ ١ ص ٣٤ الطبعة السابقة.
(٢) كتاب الايضاح للامام الشيخ عامر بن على الشماخى مع حاشية عبد الله بن سعيد السدويكشى ج‍ ١ ص ٥٧٩ الطبعه السابقة، وكتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيش ج‍ ١ ص ٦٤٤ الطبعة السابقة.