للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعشرة صُدِّق الموكل بيمينه في الكل؛ لأن الأصل معه.

وصورة المسألة: أن يتخاصما بعد التصرف، أما قبله فتعمد إنكار الوكالة عزل فلا فائدة للمخاصمة. وتسميته فيها موكلا بالنظر لزعم الوكيل.

ثم قال: ولو قال الوكيل: أتيت بالتصرف المأذون فيه من بيع أو غيره وأنكر الموكل ذلك صدق الموكل بيمينه؛ لأن الأصل معه فلا يستحق الوكيل ما شرط له من الجُعل على التصرف إلا ببينة.

ولو قال رجل لآخر عليه أو عنده مال للغير: وكلنى المستحق بقبض ماله عندك من دين أو عين؛ وصدقه من عنده ذلك فله دفعه إليه؛ لأنه محق بزعمه، حيث غلب على ظنه إذن المالك له في قبضها بقرينة قولية (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء في (كشاف القناع): أنه لو ظهر بالمبيع عيب وأسقط الوكيل خياره. وأراد الموكل الرد به فأنكر البائع أن الشراء وقع للموكل قبل قوله ولزم الوكيل؛ لأن الظاهر فيمن يباشر عقدًا أنه لنفسه، وليس للوكيل رده لإسقاطه خياره، فإن قال البائع للوكيل: موكلك قد رضى بالعيب، فالقول قول الوكيل مع يمينه أنه لا يعلم ذلك، لأنه الأصل ويرده الوكيل ويأخذ حقه في الحال. ولو ادعى الغريم أن الموكل عزل الوكيل في قضاء الدين أو ادعى موت الموكل أو نحوه مما تنفسخ به الوكالة حلف الوكيل على نفى العلم بما ادعاه الغريم؛ لأن الأصل عدمه، فإن رد الوكيل المعيب في غيبة الموكل فصدق الموكل البائع في الرضا بالعيب لم يصح الرد، وهو باق للموكل (٢).

وجاء في موضع آخر: وإن قال: وكلتنى أن أتزوج لك فلانة ففعلت وصدقته المرأة، فأنكر المدعى عليه أن يكون وكله بأن قال: ما وكلتك فقول المنكر؛ لأنهما اختلفا في أصل الوكالة فقبل قول المنكر؛ لأن الأصل عدمها ولم يثبت أنه أمينه حتى يقبل قوله عليه بغير يمين نص عليه؛ لأن الوكيل يدعى حقًّا لغيره، ومقتضاه أنه يستحلف إذا ادعته المرأة، لأنها تدعى الصداق في ذمته فإذا حلف لم يلزمه شئ، ويلزم الموكل تطليقها إن لم يتزوجها لإزالة الاحتمال، لأنه يحتمل صحة دعواها فيتنزل منزلة النكاح الفاسد. ولا يلزم الوكيل شئ من الصداق لتعلق حقوق العقد بالموكل، هذا إن لم يضمنه، فإن ضمنه فلها الرجوع عليه بنصفه لضمانه عنه، ولو مات أحدهما لم يرثه الآخر؛ لأنه لم يثبت نكاحها فترثه وهو منكر أنها زوجته فلا يرثها.

وإذا حضر رجلان عند الحاكم فأقر أحدهما أن الآخر وكَّله ولم يسمعه شاهدان مع الحاكم، ثم غاب الموكل وحضر الوكيل فقدم خصمًا لموكله. وقال: أنا وكيل فلان فأنكر الخصم كونه وكيلًا، لم تسمع دعواه حتى تقوم البينة بوكالته؛ لأن الحاكم لا يحكم بعلمه، ولو حضر رجل وادعى على غائب مالا في وجه وكيله فأنكره الوكيل فأقام المدعى بينة بما ادعاه من الدين حلفه الحاكم، فإذا حضر الموكل وجحد الوكالة وادعى أنه كان قد عزله لم يؤثر ذلك في الحكم (٣).


(١) نهاية المحتاج: ٥/ ٥٦ - ٦٣، بتصرف وإيجاز.
(٢) كشاف القناع: ٢/ ٢٤٢.
(٣) السابق: ٣/ ٢٥٠ - ٢٥١.