للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال مالك رحمه الله تعالى: لا يقاتل المشركون حتى يدعوا.

قال اصبغ رحمة الله تعالى وبهذا كتب عمر بن عبد العزيز رضى الله تعالى عنه: لأنا انما نقاتلهم على الدين وانه يخيل اليهم والى كثير منا أن ما نقاتلهم على الغلبة، فلا يقاتلون حتى يتبينوا.

قيل لأصبغ رحمه الله تعالى: أرأيت من دعى الى الاسلام والجزية فأبوا فقوتلوا مرارا يدعور كلما عزوناهم قال: أما الجيوش الغالبة الظاهرة فلا يقاتلوا قوما ولا حصنا حتى يدعوهم لأنهم لم يخرجوا لطلب غرة ولا لانتهاز فرصة، وانما خرجوا ظاهرين قاهرين.

وأما السرايا وشبهها التى تطلب الغرة وتنتهز الفرصة فلا دعوة عليهم لأن دعوتهم انذار وتجليب عليهم مع ما فى الدعوة من الاختلاف

وقد قال جل الناس: الدعوة بلغت جميع الامم.

قال ابن حبيب قال مالك رحمه الله تعالى:

اذا وجبت الدعوة فاما يدعوا الى الاسلام جملة من غير ذكر الشرائع الا أن يسألوا عنها فلتبين لهم وكذلك يدعون الى الجزية مجملا بلا توقيت ولا تحديد الا أن يسألوا عن ذلك فيبين لهم.

قال ابو عمر رحمه الله تعالى ولا يجوز تبييت من لم تبلغه دعوة.

قال سحنون رحمه الله تعالى:

واذا بذلوا الجزية يعطونها عاما بعد عام على أن يقيموا بموضع كانوا بموضع يناله سلطان الاسلام وحكمه قبلت منهم، وان كانوا فى بعد من سلطاننا فلا نقبل منهم الجزية ألا أن ينتقلوا الى حيث سلطاننا (١).

[مذهب الشافعية]

جاء فى المهذب انه ان كان العدو ممن لم تبلغهم الدعوة لم يجز قتالهم حتى يدعوهم الى الاسلام لأنه لا يلزمهم الاسلام قبل العلم به، والدليل على ذلك قول الله عز وجل:

«وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً» (٢).

ولا يجوز قتالهم على ما لا يلزمهم.

وان بلغتهم الدعوة فالأحب أن يعرض عليهم الاسلام لما روى سهل بن سعد رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى كرم الله تعالى وجهه يوم خيبر: اذا نزلت بساحتهم فادعهم الى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فو الله لأن يهدى الله بهداك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.

وان قاتلهم من غير أن يعرض عليهم الاسلام جاز لما روى نافع رضى الله تعالى عنه قال: أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على


(١) التاج والاكليل شرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق ج ٣ ص ٣٥٠ فى كتاب على هامش مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى المعروف بالحطاب، الطبعة الأولى، طبعة مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍.
(٢) الآية رقم ١٥ من سورة الاسراء.