للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجمع فقهاء المذاهب على حل الصيد بكل ذى ناب من السباع ومخلب من الطير بشرط‍ كونه معلما، ما عدا الزيدية، فإنهم يجيزون الاصطياد بالكلب والفهد لا غير، ويضاف إليهما الأسد والنمر إن قدرنا على قبولهما التعليم قياسا على الكلب، وعدا الإباضية كذلك فإنهم يجيزون الإصطياد بغير السبع كالهر.

كما أجمعوا على وجوب التسمية الا أن للفقهاء اعتبارات واشتراطات فى التعليم، وفى بعض شروط‍ أخرى … انظر «تذكية».

[آلات الصيد غير الحيوان المعلم]

لا خلاف بين الفقهاء (١) فى جواز الاصطياد بالشبكة والشرك، وإلجاء الصيد إلى مضيق لا يفر منه، وبالسهام والنبال والرماح، وبكل محدد وإن كان له ثقل كالمعراض والحجر بشرط‍ أن يقتل بحده ولم يجيزوا الصيد بالبندقة الثقيلة ولو كانت محددة - والمراد بالبندقة الكرة من الطين المجمد -، لأنها تقتل بثقلها، ويقولون:

إن مثقل الحديد وغير الحديد سواء إن خرق حل وإلا فلا.

وخالف الظاهريه إذ أجازوا الاصطياد بالبندقة والحجر ونحوهما مما لا يقتل بحده إذ يقول أبن حزم (٢) فى تصوير المذهب:

إن كل ما شرد فلم يقدر عليه من حيوان البر كله وحشيه وانسيه لا تحاشى شيئا لا طائرا ولا ذا أربع مما يحل أكله، فان ذكاته أن يرمى بما يعمل عمل الرمح أو عمل السهم أو عمل السيف أو عمل السكين فان أصيب بذلك فمات قبل أن تدرك ذكاته فأكله حلال.

ثم ذكر حديث عدى بن حاتم وقد سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن المعراض فقال: «أذا أصاب بحده فكل، وإذا أصاب بعرضه فقتل فانه وقيذه فلا تأكل».

ثم قال: وقد اختلف الناس فى هذا، فقال عمار بن ياسر إذا رميت بالحجر أو البندقة ثم ذكرت اسم الله فكل، ونقل مثله عن سعيد ابن المسيب، ونقل عن عمر بن الخطاب خلاف هذا … ثم قال إن من ذهب إلى قول عمار وسعيد يحتج بقول الله تعالى:

«لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ ٣».

وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبى ثعلبة الخشنى: «ما أصبت بقوسك فاذكر أسم الله عليه وكل».

ثم قال: إنه لا حجة فى حديث عدى بن حاتم لأنه لا يحل ترك نص لنص، ورجح مذهب القائلين بإباحة الصيد بالبندقة ونحوها بإطلاق

ثم قال: ومن نصب فخا أو حبالة أو حفر زبية للصيد فكل ما وقع من شئ من ذلك فهو له.

ويقول الدسوقى المالكى: فيما يتعلق بصيد بندق الرصاص «أن الصيد ببندق الرصاص لم يوجد فيه نص للمتقدمين لحدوث الرمى به بحدوث البارود فى وسط‍


(١) حاشية ابن عابدين الحنفى على الدر المختار ج‍ ٥ ص ٣٢٠، وحاشية البجرمى على الاقناع للخطيب الشافعى ج‍ ٤ ص ٢٥٦ ونهاية المحتاج وحواشيه ج‍ ٨ ص ١١٦، وحاشية الدسوقى على شرح الدردير المالكى ج‍ ٢ ص ١٠٣، والمغنى لابن قدامه الحنبلى ج‍ ٨ ص ٥٥١ - ٥٦٤، والبحر الزخار ج‍ ٤ ص ٢٩٩، الروضة البهية ج‍ ٢ ص ٢٦٥، شرح كتاب النيل ج‍ ٢ ص ٥٥٩.
(٢) المحلى لابن حزم ج‍ ٧ ص ٥٣٩ - ٥٤٧ مسألة ١٠٦٧.
(٣) سورة المائدة: ٩٤.