للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللمحرم ذبح شاة وبقرة وبعير ودجاجة وبط‍ أهلى لاجماع الأمة على ذلك، ولأنها ليست بصيد.

والمراد بالبط‍ الأهلى ما يكون فى المساكن والحياض ولا يطير لأنها ألوف بأصل الخلقة كالدجاج، وأما ما تطير فهى صيد فيه الجزاء والجواميس حكمها على التفصيل كذلك، فما استأنس منه لا شئ عليه وما لم يستأنس فهو صيد وان اضطر المحرم الى قتل صيد فقتله فعليه الجزاء لأن الأذن مقيد بالكفارة فى حق المضطر لقول الله تعالى: «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» (١) والأية وان نزلت فى الحلق تتناول كل مضطر دلالة، وان وجد صيدا ذبحه محرم يأكل الصيد ويدع الميتة (٢).

[مذهب المالكية]

قال المالكية: الفدية واجبة فيما يترفه به أو يزال به أذى مما حرم على المحرم لغير ضرورة كحناء وكحل وستر المرأة وجهها وكفيها بمخيط‍ ولبس خف مع وجود النعل بثمن معتاد، أو احتزم لغير عمل ففدية أيضا ثم الأصل تعدد الفدية بتعدد موجبها الا فى أربعة مواضع:

أولا: أن يمس الطيب ويلبس ثوبه ويقلم أظافره ويحلق رأسه فى وقت واحد بلا تراخ ففيها فدية واحدة، ولو فعل شيئا منها على حدة ففيه فدية.

واذا تراخى ما بين الموجبات ولكن نوى عند فعل الأول التكرار كأن ينوى فعل كل ما احتاج له من موجبات الكفارة أو متعددا معينا ففعل الكل أو البعض فكفارة واحدة واذا لم ينو التكرار ولكن قدم ما نفعه أعم كثوب على سراويل أو غلالة أو حزام فتتحد بخلاف العكس، وهذا ما لم يخرج للأول قبل فعل الثانى، والا أخرج للثانى أيضا واذا ظن من ارتكب موجبات متعددة للكفارة الاباحة بظن خروجه من الاحرام، كمن طاف للافاضة أو العمرة بلا وضوء معتقدا أنه متوضئ فلما فرغ من حجه أو عمرته بالسعى بعدهما معتقدا أنه أتم حجه أو عمرته فعل موجبات الكفارة ثم تبين له فساد الحج أو العمرة وأنه باق على احرامه فعليه كفارة واحدة، وكذا من رفض حجه أو عمرته أو أفسدهما بوط‍ ء فظن خروجه منه وأنه لا يجب عليه اتمام ما أفسده أو رفضه فارتكب موجبات متعددة للكفارة فظن خروجه من الاحرام فليس عليه الا كفارة فقط‍، وأما اذا كان المحرم جاهلا ظن أباحة أشياء تحرم بالاحرام ففعلها متفرقة على التراخى فعليه لكل فدية، ولا ينفعه جهله وكذا من علم الحرمة وظن أن الموجبات تتداخل وأن ليس عليه الا فدية فقط‍ لموجبات متعددة لم ينفعه ظنه.

وشرط‍ الفدية فى اللبس الانتفاع بما لبسه من حر أو برد بأن يلبسه مدة هى مظنة للانتفاع به لا أن نزعه بقرب فلا فدية عليه لعدم الانتفاع.

والراجح أنه لا فدية على من لبسه فى صلاة ولو رباعية اذا لم يطول فيها، والا فالفدية.


(١) سورة البقرة: ١٩٦.
(٢) الزيلعى ج‍ ٢ ص ٥٦، ٦٦، ٦٧، ٦٨