للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التوكيل فيأذن الانسان فيما لا يملك أن يباشره بنفسه ولا يملك أن يوكل فيه وعند ذلك يصح اذنه ويكون معتبرا فى نفاذ تصرف المأذون وذلك كما فى المرأة لا تملك أن تباشر عقد زواجها ولو كانت رشيدة عند جمهور الفقهاء وانما يباشره وليها على حسب ما فصل ذلك فى موضعه وعند اشتراط‍ رضاها واذنها فى نفاذ العقد وجب لنفاذه اذنها لوليها فيه فى حين أنها لا تملك أن تباشره.

[اذن الرقيق والصبى بالتجارة]

[مذهب الحنفية]

ذهب الحنفية الى أن الاذن بالتجارة نوعان فقد جاء فى تحفة الفقهاء: الاذن نوعان خاص وعام، أما الاذن الخاص فكأن يقول لعبده: اشتر بدرهم لحما لنفسك أو اشتر كسوة لنفسك أو لفلان فاشتراه فانه يجوز ويكون مأذونا فى ذلك خاصة والقياس أن يكون مأذونا فى الأنواع كلها لأن الاذن بالتصرف لا يتجزأ، وفى الاستحسان يقتصر على ما أذن فيه لأن هذا من باب الاستخدام، ولو تعدى الاذن الى غيره ولم يكن من قصد المولى أن يكون مأذونا فى التجارة لا يقدر على الاستخدام، وأما الاذن العام فكأن يقول: أذنت لك فى التجارات أو فى التجارة ويصير مأذونا فى الأنواع كلها بلا خلاف أما اذا أذن بالتجارة فى نوع بأن قال: اتجر فى البز أو فى بيع الطعام أو نحو ذلك فانه يصير مأذونا فى أنواع التجارة عندنا وعند زفر يقتصر الاذن على ما سمى وكذلك اذا قال له: اقعد فى التجارة أو فى الصناعة يصير مأذونا فى جميع أنواع الحرف، واذا قال له أذنت لك أن تتجر شهرا أو سنة يصير مأذونا له فى جميع الأوقات ما لم يحجر عليه حجرا عاما وكذا اذا قال: اتجر فى البز ولا تتجر فى الخز لا يصح نهيه ويعم الاذن النوعين وغيرهما والمسألة معروفة: أن الاذن تمليك التصرف أو اسقاط‍ الحق وفك الحجر (١)، وكذلك يكون الاذن استخداما لو أذنه بتأجير نفسه لفلان فقد جاء فى الزيلعى:

وأما اذا أمره بشراء شئ بعينه كالطعام والكسوة لا يكون مأذونا له بالتجارة لأنه استخدام ولو صار مأذونا له لأفسد على المولى باب الاستخدام خشية ثبوت الاذن له بالتجارة من غير رغبة فى ذلك ولا قصد وعلى هذا لو أمره ببيع ثوب بعينه لا يكون مأذونا له وكذا لو قال: آجر نفسك من فلان لأنه أمره بعقد واحد فيكون استخداما بخلاف ما اذا قال له: آجر نفسك من الناس أو اقعد صباغا أو خياطا أو قصارا لأنه أمره بعقود متعددة فيدل ذلك على الاذن (٢) والحكم اذا صار مأذونا له فى التجارة قد بينه الزيلعى فقال: اذا صار مأذونا له فى جميع التجارات كان له أن يبيع ويشترى وان كان فيه غبن فاحش عند أبى حنيفة رحمه الله وقالا: لا يجوز بمحاباة لا يتغابن الناس فى مثله، لأن الغبن الفاحش جار مجرى التبرع حتى اعتبر من المريض من


(١) حاشية الشلبى ح‍ ٣ ص ٤٨٤.
(٢) الزيلعى ح‍ ٥ ص ٢٠٥.