للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» (١) الآية، ونهى المرأة عن السفر الا مع زوج أو ذى محرم عام لكل سفر، فوجب استثناء ما جاء به النص من ايجاب بعض الاسفار عليها من جملة النهى، والحج سفر واجب فوجب استثناؤه من جملة النهى.

[مذهب الزيدية]

قال الزيدية: (٢) الاستطاعة شرط‍ فى وجوب الحج شرطها الله سبحانه وتعالى بقوله «مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» (٣) ولما روى ابن عمر رضى الله عنهما: أن رجلا قال يا رسول الله: ما السبيل الذى قال الله تعالى «مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» قال:

الزاد والراحلة، لكن حصول الاستطاعة لا يكفى فى الوجوب، بل لا بد أن يستمر حصولها فى وقت يتسع للذهاب للحج فى وقته والعود منه، فلو حصلت الاستطاعة فالمذهب أن الحج يجب وجوبا مضيقا بمعنى أنه لا يجوز تأخيره، فان أخره كان عاصيا عند الهادى، وعند القاسم أن يحج على التراخى ما لم يظن فوته بموت أو غيره، والاستطاعة ثلاثة أركان.

الاول منها: صحة فى الجسم ويكفى من الصحة أن يقدر على أن يستمسك معها على الراحلة قاعدا، ولو احتاج فى ركوبه ونزوله الى من يعينه لم يسقط‍ عنه الحج بذلك، فأما لو كان لا يستمسك على الراحلة أو المحمل الا مضطجعا سقط‍ عنه الحج، أى لم يجب كالمعضوب الاصلى وهو الذى لا يستمسك على الراحلة لضعف، أو كبر، فانه لا حج عليه ولو كان غنيا.

الركن الثانى منها أمن الطريق، وحد الامن أن يكون بحيث لا يخشى على نفسه أو ماله تلفا ولا ضررا (٤).

الركن الثالث منها: هو الزاد وهو كما فى البحر الزخار: (٥) شرط‍ وجوب لتفسير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الاستطاعة به، وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون، فاذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله عز وجل «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ»}. (٦)


(١) الآية رقم ٩٧ من سورة آل عمران.
(٢) شرح الأزهار ج‍ ٢ ص ٦٠، ٦١، ٦٢ الطبعة السابقة.
(٣) الآية السابقة.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٦٣، ٦٤ الطبعة السابقة.
(٥) كتاب البحر الزخار للمرتضى ج‍ ٢ ص ٢٨٢ الطبعة السابقة.
(٦) الآية رقم ١٩٧ من سورة البقرة.