للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس ان لم يوجد من يحج عنه تطوعا سواء أوصى بذلك أو لم يوص.

وفى موضع آخر (١) يقول ابن حزم الظاهرى: ولا يجوز تأخير الحج والعمرة عن أوقات الاستطاعة لهما فمن فعل ذلك فقد عصى، وعليه أن يعتمر ويحج لعموم قول الله تعالى «وَسارِعُوا} (٢) الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين، وقول الله عز وجل أيضا (٣) «وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} الآية، ولا خلاف فى أن هذا متوجه الى كل مستطيع فلا يخلو المستطيع من أن يكون مفترضا عليه الحج أو لا يكون مفترضا عليه الحج، فان كان مفترضا عليه الحج فهو مأمور به فى عامه وهو قولنا، وان كان ليس مفترضا عليه الحج فهذا خلاف القرآن.

وفى موضع آخر (٤) يقول ابن حزم الظاهرى: وانما تراعى الاستطاعة بحيث لو خرج من المكان الذى حدثت له فيه الاستطاعة فيدرك الحج فى وقته والعمرة، فان استطاع قبل ذلك العام كله، وبطلت استطاعته فى الوقت المذكور،

لم يكن مستطيعا ولا لزمه الحج، لانه لم يكلف العمرة والحج الا فى وقت الحج فيكون قارنا أو متمتعا.

ثم قال فى موضع آخر فمن استطاع كما ذكرنا ثم بطلت استطاعته أو لم تبطل فالحج والعمرة عليه ويلزم أداؤهما عنه من رأس ماله قبل ديون الناس، فان لم يوجد من يحج عنه الا بأجرة استؤجر عنه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «دين الله أحق بالقضاء».

ثم قال بعد ذلك ولا يجزئ أن يستأجر من لم يحج ولا اعتمر الا أن لا يكون مستطيعا حين استأجر، فيجوز حينئذ، لانه غير مستطيع للحج عن نفسه، فلا يلزمه وهو مستطيع للحج عن غيره بما يأخذ من الاجرة، فاستئجاره لما يستطيع عليه جائز.

والمرأة عند ابن حزم الظاهرى كالرجل فلا يشترط‍ لها فى أداء فريضة الحج محرم يحج معها فهو يقول (٥).

وأما المرأة التى لا زوج لها ولا ذا محرم يحج معها فانها تحج ولا شئ عليها فان كان لها زوج، ففرض عليه أن يحج معها، فان لم يفعل فهو عاصى لله تعالى، وتحج هى دونه، وليس له منعها من حج الفرض، لقول الله عز وجل


(١) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ٢٧٣ مسألة رقم ٩١١ الطبعة السابقة.
(٢) الاية رقم ١٣٣ من سورة آل عمران.
(٣) الاية رقم ٩٧ من سورة آل عمران.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٧ من ص ٢٣٣ الى ٢٧٥ مسألة رقم ٩١٢، ومسألة رقم ٩١٣ الطبعة السابقة.
(٥) المحلى ج‍ ٧ من ص ٤٧ الى ص ٥٠ مسألة رقم ٨١٣ الطبعة السابقة.