للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما صحة الجسم والطاقة على المشى، والتكسب من عمل، أو تجارة ما يبلغ به الى الحج (١)، ويرجع الى موضع عيشه أو أهله.

وأما مال يمكنه من ركوب البحر، أو البر، والعيش منه، حتى يبلغ مكة، ويرده الى موضوع عيشه، أو أهله، وان لم يكن صحيح الجسم، الا أنه لا مشقة عليه فى السفر برا أو بحرا.

وأما أن يكون له من يطيعه فيحج عنه فيعتمر بأجرة، أو بغير أجرة، ان كان هو لا يقدر على النهوض لا راكبا ولا راجلا.

فأى هذه الوجوه أمكنت الانسان المسلم البالغ العاقل فالحج والعمرة فرض عليه.

برهان ذلك ما روى عن الفضل بن عباس رضى الله عنهما أن امرأة من خثعم قالت يا رسول ان أبى شيخ كبير عليه فريضة الله تعالى فى الحج وهو لا يستطيع أن يستوى على ظهر بعيره فقال لها النبى صلّى الله عليه وسلّم «حجى «عنه» وما روى أيضا عن عبيد الله ابن العباس رضى الله عنهما قال: كنت رديف رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأتاه رجل، فقال: يا رسول الله «ان امى عجوز كبيرة ان حزمها خشى أن يقتلها، وان لم يكن يحزمها لم

تستمسك، فأمره عليه السّلام أن يحج عنها فبين فى هذه الاخبار ان لم يكن صحيحا فان فريضة الحج لازمة له اذا وجد من يحج عنه، لانه عليه السّلام سمع قول المرأة عن أبيها أن فريضة الله تعالى أدركته وهو شيخ كبير لا يستطيع الثبات على الراحلة، فلم ينكر ذلك عليها، فصح أن الفرض باق اذا وجد من يحج عنه (٢).

وجاء فى المحلى (٣) أيضا: ان حج عمن لم يطق الركوب والمشى لمرض أو زمانة حجة الاسلام، ثم استطاع فليس عليه أن يحج بعد اذ أمر النبى صلّى الله عليه وسلم بالحج عمن لا يستطيع الحج راكبا ولا ماشيا، وأخبر أن دين الله يقضى عنه فقد تأدى الدين عنه.

فلا يجوز أن يعود فرضه، ولو كان ذلك عائدا لبينه الرسول صلّى الله عليه وسلم، وسواء فى ذلك (٤) من بلغ وهو عاجز عن المشئ والركوب، أو من بلغ مطيقا، ثم عجز عن كل ما ذكرنا، وقال أبو سليمان لا يلزم ذلك الا عمن قدر بنفسه على الحج ولو عاما واحدا ثم عجز، ومن مات وهو يستطيع بأحد الوجوه التى قدمنا حج عنه من رأس ماله واعتمر ولا بد، مقدما على ديون


(١) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج‍ ٧ ص ٥٣ مسألة رقم ٨١٥ الطبعة السابقة.
(٢) المحلى لابن حزم الظاهرى ج‍ ٧ ص ٥٦، ٥٧ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ٦٢ مسألة رقم ٨١٦ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ٦٢ مسألة رقم ٨١٧، ومسألة رقم ٨١٨ الطبعة السابقة.