لو قال لزوجته أنت طالق ان شاء الله تعالى طلقت وان قال لأمته: أنت حرة ان شاء الله عتقت نص أحمد رحمه الله تعالى على وقوع الطلاق والعتق اذا علق كل منهما على مشيئة الله تعالى فى رواية جماعة وهو مذهب كثير من أهل العلم وفقهاء الامصار منهم مالك، وحكى عنه أنه يقع العتق، دون الطلاق، وفرق بينهما بأن العتق لله سبحانه وتعالى والطلاق ليس لله ولا فيه قربة اليه، ولان من نذر العتق صح ولزمه الوفاء به ومن نذر الطلاق لا يلزمه الوفاء به .. وقد ذهب أبو حنيفة والشافعى الى أنه اذا علق الطلاق أو العتق على مشيئة الله تعالى لا يقع، قد روى عن أحمد ما يدل على ذلك، لانه علقه على ما لا يعلم وجودها، ولقول النبى صلى الله عليه وسلم من حلف فقال:
ان شاء الله لم يحنث، واحتج الحنابلة ومن رأى رأيهم بما روى عن ابن عباس أنه قال: اذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ان شاء الله فهى طالق .. وما روى ابن عمر وأبو سعيد قال: كنا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزا فى كل شئ ألا فى الطلاق والعتاق وهذا نقل للاجماع فيه حيث لم يعلم له مخالف ولانه استثناء يرفع جملة الطلاق فلم يصح كقوله: أنت طالق ثلاثا ألا ثلاثا أو هو ازالة ملك فلا يصح تعليقه، أو تعليق على ما لا سبيل الى علمه فكان كالتعليق على المستحيلات يلغو ويقع الطلاق فى الحال على أحد وجهين ولا حجة فى الحديث الذى استند اليه المخالفون لان الطلاق انشاء وليس يمينا حقيقة وان سمى بذلك فهو مجاز لا تترك الحقيقة من أجله، وانما يسمى يمينا اذا كان معلقا على شرط يمكن فعله وتركه، والقول بأن التعليق على المشيئة تعليق بما لا سبيل الى علمه مردود بأن مشيئة الله الطلاق قد علمت بمباشرة الآدمى سببه وهو اللفظ ولئن سلم فهو كالتعليق على المستحيلات يلغو ويقع الطلاق فى الحال ولو قال أنت طالق الا أن يشاء الله طلقت لانه أوقع الطلاق وعلق رفعه بمشيئة لا تعلم .. وان قال ان لم يشأ الله أو ما لم يشأ الله فعلى وجهين، أحدهما يقع الطلاق فى الحال لان وقوع طلاقها اذا لم يشأ الله محال فلغت هذه الصفة، أى لغا التعليق ووقع الطلاق فى الحال وثانيهما لا يقع الطلاق بناء على أنه تعليق على المحال مثل أنت طالق ان جمعت بين الضدين أو ان شربت الماء الذى فى هذا الكوز ولا ماء فيه، حيث لا يقع الطلاق فيه فى أحد الوجهين.
وان قال: أنت طالق ان دخلت الدار ان شاء الله فعن أحمد فيه روايتان أحداهما يقع الطلاق ان دخلت الدار ولا ينفعه الاستثناء لان الطلاق والعتاق ليسا من الايمان، فلا يعتبر التعليق على المشيئة فيهما استثناء كما يدل ظاهر الحديث والثانية يكون هذا التعليق استثناء ولا يقع الطلاق لانه علق الطلاق على دخول