للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدار والطلاق اذا علق بشرط‍ صار يمينا وحلفا فصح الاستثناء فيه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (من حلف على يمين فقال: ان شاء الله لم يحنث) وفارق مسألة ما اذا لم يعلق الطلاق فأنه لا يكون يمينا حينئذ فلا يدخل فى العموم.

وان قال: أنت طالق لتدخلن الدار ان شاء أو لا تدخلى الدار ان شاء الله لم تطلق دخلت الدار أو لم تدخلها لانها ان دخلتها فقد فعلت المحلوف عليه وان لم تدخلها فقد علمنا ان الله لم يشأ لانه لو شاءه لوجد فان ما شاء الله كان وهذا فى المثال الاول، وفى المثال الثانى أن لم تدخل الدار فقد فعلت المحلوف عليه، وان دخلت علمنا ان الله تعالى قد شاء الدخول هذا أن تعلقت المشيئة بالشرط‍ وهو دخول الدار أو عدم دخولها وان علق المشيئة بالطلاق لم يقع الطلاق على المذهب وان لم تعلم نيته فالظاهر رجوعه الى الدخول ويحتمل ان يرجع الى الطلاق والحكم هو ما ذكر فى كل منهما. وان علق الطلاق على مشيئة الزوجة فقال: أنت طالق ان شئت أو اذا شئت أو متى شئت أو كلما شئت أو كيف شئت أو حيث شئت وأنى شئت لم تطلق حتى تشاء وتنطق بالمشيئة بلسانها فتقول: قد شئت لان ما فى القلب لا يعلم حتى يعبر عنه اللسان فيتعلق الحكم به دون ما فى القلب فلو شاءت بقلبها ولم تنطق بلسانها لم يقع طلاق ولو قالت قد شئت بلسانها وهى كارهة للطلاق وقع الطلاق اعتبارا بالنطق .. وكذلك ان علق الطلاق بمشيئة غيرها يصح ومتى وجدت المشيئة باللسان من هذا الغير وقع الطلاق سواء كان على الفور أو التراخى نص عليه أحمد فى تعليق الطلاق بمشيئة فلان.

وان قال: أنت طالق ان شئت وشاء أبوك، فقالت: قد شئت ان شاء أبى فقال أبوها: قد شئت لم تطلق لانها لم تشأ فان المشيئة أمر خفى لا يصح تعليقها على شرط‍، وقد قال ابن المنذر فى هذا الشأن: اجمع كل من نحفظ‍ عنه من أهل العلم على أن الرجل اذا قال لزوجته: أنت طالق ان شئت فقالت: قد شئت ان شاء فلان، انها قد ردت الامر ولا يلزمها الطلاق وان شاء فلان هذا وذلك لانه لم يوجد منها مشيئة وانما وجد منها تعليق مشيئتها بشرط‍، وتعليق المشيئة بشرط‍ ليس مشيئة ..

ولو قال: أنت طالق الا ان يشاء زيد فمات أو جن أو خرس طلقت فى الحال، لانه أوقع الطلاق وعلق رفعه بشرط‍ ولم يوجد الشرط‍ ولو قال: أنت طالق واحدة الا أن يشاء زيد ثلاثا فشاء زيد ثلاثا فقال أبو بكر تطلق ثلاثا فى أحد الوجهين لان السابق الى الفهم من هذا الكلام ايقاع الثلاث اذ شاءها زيد، وفى بعض المذاهب لا تطلق اذا شاء زيد ثلاثا لان المعنى أنت طالق واحدة ألا أن يشاء زيد ثلاثا فلا تطلقى .. ولا يصح الاستثناء فى الطلاق فى أية صورة من صوره ولا يترتب عليه حكمه