للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يثبت خيار العيب فى اجارة الذمة اذ يجب فيها الاتيان بالبدل فلا يترتب على العيب نقص الانتفاع (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى من استأجر عينا مدة فحيل بينه وبين الانتفاع بها فذلك على ثلاث صور:

احداها أن تتلف العين فان كان ذلك قبل قبضها انفسخت الاجارة بغير خلاف نعلمه لتلف المعقود عليه قبل تسليمه وان كان عقب قبضها انفسخت أيضا فيما بقى من مدتها ويجب الأجر فيما مضى ان كان لمثله أجر ويسقط‍ أجر ما بقى من المدة، ثانيا أن يحدث للعين ما يمنع نفعها فان لم يبق لها نفع أصلا فالحكم كما تقدم فى الصورة الأولى وان بقى لها نفع خلاف ما استؤجرت لأجله كدار انهدمت فان من الممكن الانتفاع بعرصتها فى وضع أحطاب أو نصب خيمة فالحكم انفساخ العقد كما تقدم أيضا لأن المنفعة التى وقع العقد عليها قد انعدمت فانفسخت لذلك الاجارة لزوال محلها وخالف القاضى فى الأرض المستأجرة ينقطع ماؤها وأثبت للمستأجر خيار الفسخ وهو منصوص الشافعى لأن المنفعة لم تبطل جملة اذ يمكن الانتفاع بعرصتها فاشبه ذلك ما لو نقص نفعها.

واذا كان النفع الباقى فى الأعيان مما لا يباح استيفاؤه بالعقد كدابة استأجرها لركوب فصارت لا تصلح الا للحمل أو بالعكس انفسخ العقد وجها واحدا لأن المنفعة الباقية لا يملك استبقاؤها مع سلامتها فلا يملك تعيبها وأما اذا أمكن الانتفاع بالعين فيما اكتراها له على ضرب من القصور مثل أن يمكنه زرع الأرض بغير ماء لم تنفسخ الاجارة لأن المنفعة المعقود عليها لم تزل بالكلية فأشبه ما لو تعيبت وكان للمستأجر خيار الفسخ الا فى الدار اذا انهدمت فان فيها وجهين أحدهما لا تنفسخ الاجارة وثانيهما تنفسخ لزوال اسمها بهدمها وذهاب المنفعة المقصودة منها، ثالثها: أن تغصب العين المستأجرة وعند ذلك يثبت للمستأجر خيار الفسخ فاذا مضت المدة ولم يفسخ كان له مطالبة الغاصب بأجر المثل عوضا عن حقه وذلك قيمة ما كان يملك بالعقد، وعلى القول بعدم ضمان منافع الغصب ينفسخ العقد بالغصب دون حاجة الى فسخه من المستأجر.

وعلى الجملة اذا اكترى عينا فوجد بها عيبا لم يكن له علم به فله فسخ العقد بغير خلاف نعلمه وان رضى به ولم يفسخ لزمه جميع الأجر ومما يوجب الخيار ان يحدث خوف عام يمنع من سكنى الدار المستأجرة أو أن تحصر البلد فيمتنع الذهاب الى الأرض المستأجرة للزرع أو انقطع الطريق فى استئجار دابة لركوبها الى محل معين وكان هو الطريق اليه أو نحو ذلك مما يحول بين المستأجر وبين الانتفاع مما لا يد له فيه (٢) (راجع مصطلح خيار العيب فى بقية الأحكام).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى لابن حزم أنه تنفسخ الاجارة بهلاك المستأجر أو بخروجه عن ملك


(١) نهاية المحتاج ج‍ ٥ ص ٣١٧، ٣١٩.
(٢) المغنى ج‍ ١ ص ٢٥، ٣١.