للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني من غده، في يوم الحلاق، وهو اليوم الثاني عشر بعد رمى الجمار الثلاث. لأنه متبوع. فلا ينفر إلا بعد استكمال المناسك. فإذا استقر حكم النفر الثاني، انفضت ولايته وقد أدى ما لزمه.

وليس له تعزير الحجيج إلا من فعل منهم محظورا من محظورات الحج وليس له الحكم بينهم فيما يتنازعون فيه من غير أحكام الحج وله الإِفتاء لمن فعل محظورا يستوجب جزاء بما يجب عليه من جزاء كما له أن يفتى فيما يسأل عنه إذا كان فقيها عالما به وليس له أن يحمل الناس على مذهبه (الأحكام السلطانية لأبى يعلى من إمارة الحج).

[إمارة بيت المال]

بيت المال اسم للجهة التي يحفظ فيها جميع ما يستحقه جماعة المسلمين من أموال لإِنفاقه في مصالحهم العامة فبيت المال إذن في اصطلاح الفقهاء بناء على ذلك هو المصرف الشرعى الذي يمثل تلك المصالح التي سنعرض لها عند بيان مصادر تلك الأموال العامة المستحقة التي لا يستحقها شخص بعينه - هذا ما يريده الفقهاء عند طلاقهم اسم بيت المال إذا ما قالوا هذا من حق بيت المال أو هذا لبيت مال المسلمين أو هذا حق مستحق في بيت المال وكثيرا ما يراد به المكان الذي تخزن فيه تلك الأموال فور جمعها وتحصيلها إلى أن تصرف في مصارفها المختصة بها وهذا استعمال لا يبعد عن الاستعمال السابق والمقصود فيهما واحد إذ العبرة بالمستحق لا بمكان المال المستحق - وليس يعلم على التحديد زمن نشأة هذا الاصطلاح واستعماله في لسان الفقهاء ولكن المؤكد أن هذا الاصطلاح لم يعرف إلا في عهد عمر رضى الله عنه حين أشير عليه بإنشاء الديوان على غرار ما كان عليه الحال في النظامين الرومانى والفارسى حين دعت الحاجة إلى ذلك إذ لم تكن حاجة إلى إنشائه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر من بعده وذلك لقلة مصادره من الأموال حين ذلك فقد كانت الصدقات قليلة والغنائم قليلة وكان ما يرد منها يقسم بمن مستحقيه وقت وروده دون إدخار لشئ منه وكان هذا هو شأن كل مغنم جاء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجئ ويفرق في حينه ولما فرضت الزكاة ووجدت ابل الصدقة وكان لها مراح ورعاة يقومون عليها لم يكن ذلك أيضا داعيا إلى إنشاء بيت المال واستمر الحال على ذلك في عهد أبي بكر وشطر من خلافه عمر حيث كان المسجد هو المكان الذي تحمل إليه الأموال فتقسم بين المسلمين حين ورودها فلما اتسعت الفتوح في عهد عمر وكثرت الأموال لم ير عمر بدا من أن يضبط موارد هذا المال ومصارفه فأمر بإنشاء ديوان لبيت المال يُرصد فيه الوارد والمنصرف ويحصر فيه الجند وأعطياتهم مما فرض للمهاجرين والأنصار كما أمر أن يكون لكل والٍ من ولاة الأمصار ديوان على هذا الوضع وبهذا كان أول ديوان لبيت المال والجند ديوان عمر (١).

وبيت مال المسلمين يتمول من كل مال يستحق للمسلمين دون تعيين مالك معين منهم له فكل مال من هذا القبيل يعد من حقوق بيت المال فإذا قبض صار بالقبض مضافا إلى حقوق بيت المال سواء أدخل في حرزه أم لم يدخل. وكل حق وجب صرفه في مصالح المسلمين فهو حق على بيت المال.


(١) السياسة الشرعية لابن تيمية والخراج لأبى يوسف.