للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمفترض في صلاة أخرى لما روى جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنه أن معاذا رضى الله تعالى عنه كان يصلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء الأخيرة ثم يأتى قومه في بنى سلمة يصلى بهم هي له تطوع ولهم فريضة العشاء ولأن الاقتداء يقع بالأفعال الظاهرة وذلك يمكن مع اختلاف السنة فأما إذا صلى صلاة الكسوف خلف من يصلى الصبح أو الصبح خلف من يصلى الكسوف لم يجز لأنه لا يمكن الائتمام مع اختلاف الأفعال ولا يجوز أن يصلى الجمعة خلف من يصلى الظهر لأن الإِمام شرط في الجمعة والإمام ليس معهم في الجمعة فيصير كالجمعة بغير إمام ومن أصحابنا من قال تجوز كما يجوز أن يصلى الظهر خلف من يصلى العصر وفى فعلها خلف المتنفل قولان أحدهما: يجوز لأنهما متفقان في الأفعال الظاهرة والثانى: لا يجوز لأن من شرط الجمعة الإِمام والإِمام ليس معهم في الجمعة، ويكره أن يصلى الرجل بقوم وأكثرهم له كارهون لما روى ابن عباس رضى الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ثلاثة لا يرفع الله صلاتهم فوق رءوسهم .. فذكر فيهم رجلا أم قوما وهم له كارهون فإن كان الذي يكرهه الأقل لم يكره أن يؤمهم لأن أحدا لا يخلو ممن يكرهه ويكره أن يصلى الرجل بامرأة أجنبية لما روى أن النبى صلي الله عليه وآله وسلم قال لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان ويكره أن يصلى خلف التمتام والفأفأة لما يزيدان في الحروف فإن صلى خلفهما صحت صلاته لأنها زيادة هو مغلوب عليها (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء في كشاف القناع (٢): أنه لا تصح إمامة فاسق بفعل كزان وسارق وشارب خمر ونمام ونحوه أو اعتقاد كخارجى ورافضى ولو كان مستورا لقول الله تبارك وتعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} ولما روى ابن ماجه عن جابر رضى الله تعالى عنهما مرفوعا "لا تؤمن امرأة رجلا ولا أعرابى مهاجرا ولا فاجر مؤمنا إلا أن يقهره بسلطان يخاف سوطه وسيفه وعن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم بينكم وبين ربكم" ولأن الفاسق لا يقبل خبره لمعنى في دينه فأشبه الكافر ولأنه لا يؤمن على شرائط الصلاة ولا تصح إمامة فاسق ولو لمثله وسواء علم فسقه ابتداء أو لا ويعيد المأموم إذا علم فسق إمامه واختار الشيخان أن البطلان مختص بظاهر الفسق دون خفيه قال في الوجيز لا تصح خلف الفاسق المشهور فسقه لكن ظاهر كلامه وهو المذهب أنها لا تصح مطلقا قاله في المبدع وتصح الجمعة والجد خلف فاسق بلا إعادة إن تعذرت خلف غيره لأنهما يختصان بإمام فالمنع منهما خلفه يؤدى إلى تفويتهما دون سائر الصلوات وإن خاف أذى بترك الضلاة خلف الفاسق صلى خلفه دفعا للمفسدة وأعاد صلاته لعدم براءته ولو نوى المصلى خلف الفاسق الإِنفراد ووافقه في أفعال الصلاة صح ما صلاه


(١) انطر كتاب المهذب لفقه الإمام الشافعي للشيخ الإمام الموفق أبى إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادى الشيرازى وبهامشه النظم المستعذب في شرح غريب المهذب للعلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبى جـ ١ ص ٩٧، ٩٨ وما بعدها طبع مطبعة عيسى الباج الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٣٧٦ هـ.
(٢) انظر كشاف القناع عن متن الاقناع لابن إدريس الحنبلى وبهامشه منتهى الإرادات لابن يونس البهوتى جـ ١ ص ٣١٢ وما بعدها طبع المطبعة العامرة الشرقية بمصر الطبعة الأولى سنة ١٣١٩ هـ.