للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يعد لأنه لم يأتم به، وإذا جهل حال الإمام فلم يعرف عدله أو فسقه صحت الصلاة خلفه لأن الأصل المسلمين السلامة ولم يظهر منه ما يمنع الائتمام به والمستحب أن يصلى خلف من يعرف عدالته ليتحقق براءة ذمته ومن صلى بأجرة لم يصل خلفه. قاله محمد بن تميم قال أبو داوود سمعت أحمد يسأل عن إمام قال أصلى بكم رمضان بكذا وكذا درهما قال أسأل الله العافية من يصلى خلف هذا فإن دفع إلى الإِمام شئ بغير شرط فلا بأس. ولا تصح الصلاة خلف كافر ولو كان كفره ببدعة على ما هو مذكور في الأصول ولو أسر الكفر فجهل المأموم كفره ثم تبين له لا تصح الصلاه خلفه لأن صلاته لا تصح لنفسه فلا تصح لغيره ولعموم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يؤمن فاجر مؤمنا" والكفر لا يخفى غالبا فالجاهل به مفرط، ولو صلى خلف من يعلمه مسلما فقال بعد الصلاة هو كافر لم يؤثر في صلاة المأموم لأنها كانت محكوما بصحتها وهو مسن لا يقبل قوله ولو قال من جهل حاله لمن صلى خلفه بعد سلامه من الصلاة هو كافر وإنما صلى تهزئا أعاد المأموم صلاته كما إذا اعتقد المأموم كفر الإمام أو أنه محدث فبان بخلافه أو ظن أنه خنثى مشكل فبان رجلا فيعيد المأموم لاعتقاده بطلان صلاته ولو علم من إنسان حال إفاقة وحال إسلام وصلى خلفه ولم يعلم في أي الحالين هو وقت الصلاة أعاد ولو علم لإنسان حال إفاقة وحال جنون كره تقديمه في المسألتين لاحتمال أن يكون على الحالة التي لا تصح إمامته فيها، ولا تصح (١) الصلاة خلف سكران لأن صلاته لا تصح لنفسه فلا تصح لغيره ولا إمامة الأخرس ولو لأخرس مثله لأنه يترك ركنا وهو القراءة والتحريمة وغيرهما فلا يأتي به ولا يبد له بخلاف الأمى ونحوه فإنه يأتى بالبدل ولا تصح إمامة من به سلس بول ونحوه كنجو وريح ورعاف لا يرقأ دمه وجروح سيالة إلا لمثله لأن في صلاته خللا غير مجبور ببدل لكونه يصلى مع خروج النجاسة التي يحصل بها الحدث من غير طهارة أشبه ما لو أنتم بمحدث يعلم حدثه وإنما صحت صلاته في نفسه للضرورة ولا تصح إمامة عاجز عن ركوع أو رفع منه كأحدب أو عاجز عن سجود أو قعود أو عن استقبال أو اجتناب نجاسة أو عاجز عن الأقوال الواجبة ونحو ذلك من الأركان أو الشروط إلا بمثله لأنه أخل بركن أو شرط فلم يجز كالقاريء بالأمى ولا فرق بين إمام الحى وغيره وتصح إمامتهم بمثلهم لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه في المطر بالإيماء ولا تصح إمامة العاجز عن القيام لأنه عجز عن ركن من أركان الصلاة فلم يصح الاقتداء به كالعاجز عن القراءة إلا لمثله إلا إمام الحى وهو كل إمام مسجد راتب كما في المتفق عليه من حديث عائشة رضى الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم إن أجلسوا فلما انصرف قال إنما جعل الإِمام ليؤتم به إلى قوله وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون. قال ابن عبد البر روى هذا مرفوعا من طرق متوافرة ولأن إمام الحى يحتاج إلى تقديمه بخلاف غيره وترك القيام أخف من ترك إمام الحى بدليل سقوطه في النفل يرجى زوال علته التي منعته القيام فإن كان لا يرجى زوال علته


(١) انظر المرجع السباق لابن إدريس الحنبلى وبهامشه منتهى الإرادات لابن يونس البهواتى جـ ١ ص ٣٠٨ وما بعدها الطبعة السابقة.