للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبرأ وارتداده برده. فقد رجحوا جانب الاسقاط‍ فيه ومن ثم قالوا لا يتوقف الابراء على قبول المبرأ ولا يرتد برده (١).

[مذهب الحنابلة]

وذهب الحنابلة الى أن الأصل فى الابراء أن يكون منجزا. واذا علق على شرط‍ لم يصح ولا يترتب عليه أثره فلا يسقط‍ الدين من غير فرق بين شرط‍ وشرط‍ وذلك لما فيه من معنى التمليك فهو معتبر بالتمليكات كالبيع والاجارة لا يجوز تعليقها على الشرط‍، مع أنه تقدم فى الكلام على قبول الاسقاط‍ ورده أنهم ينظرون الى جانب الاسقاط‍ فيه، ومن ثم ذهبوا الى أنه يتم بارادة المبرئ ولا يتوقف على القبول ولا يرتد بالرد.

والواقع أن فيه الجانبين جانب التمليك وجانب الاسقاط‍. والترجيح يختلف بالنسبة لفروع المسائل والأحكام فيها.

وأجاز الحنابلة تعليق الابراء على الموت واضافته الى ما بعد الموت لأنه يكون حينئذ وصية بالابراء من الدين. والوصية بالابراء من الدين جائزة وهم فى ذلك كالحنفية (٢).

[مذهب الزيدية]

وعند الزيدية: يصح تعليق الابراء من الدين وتقييده به ولو كان الشرط‍ مجهولا أو غير متعارف أو لا تتعلق به أغراض الناس

كتقييده بنزول المطر أو بهبوب الريح أو بنعيب الغراب أو تعليقه على شئ من ذلك مثل أن يقول الدائن لمدينه ابرأتك من دينى عليك بشرط‍ نزول المطر وقت كذا أو عند نزول المطر أو اذا هبت الريح أو اذا نعب الغراب .. أو نحو ذلك.

واذا قيد الابراء بالشرط‍ أو علق عليه فلا يجوز للدائن المبرئ الرجوع فيه قبل تحقق الشرط‍.

ويصح تعليق الابراء على الموت واضافته الى ما بعده عندهم ويكون حينئذ وصية بالابراء والوصية بالابراء جائزة عندهم كالحنفية والحنابلة (٣).

واذا كان اختلاف الفقهاء فى صحة تعليق الابراء على الشرط‍ وعدم صحته مبنيا كما رأينا على ما فيه من معنى التمليك واعتباره بالتمليكات فى عدم صحة تعليقه على الشرط‍ أو ما فيه من معنى الاسقاط‍ واعتباره بالاسقاطات المحضة التى ليس فيها تمليك فان ذلك يدل دلالة صريحة على أن الاسقاطات المحضة يجوز تعليقها على الشرط‍ دون تفصيل فى نوع الشرط‍ الذى يصح التعليق عليه دون نظر الى تفصيل فى نوع الاسقاطات.

[محل الاسقاط‍]

يراد بمحل الاسقاط‍. الحق الذى يتعلق به الاسقاط‍ ويرد عليه. وليست كل الحقوق


(١) الاشباه والنظائر للسيوطى ص ١٨٧ وما بعدها.
(٢) كشاف القناع ج ٢ ص ٤٧٨ وما بعدها طبع المطبعة الشرفية.
(٣) شرح الأزهار ج ٤ ص ٢٥٨ الطبعة السابقة.