للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استثناء الاحتمال الثانى، يكون حجة ويعمل به دفعا للضرر عن الناس، ولا سيما التجار، وأخذا بالعرف، وذلك كالكتابة المستبينة المرسومة مطلقا وهى التى عناها الفقهاء حين قالوا إن الإقرار بالكتابة كالإقرار باللسان، وألحقوها بالصريح من القول فى عدم توقف دلالتها على شبه أو إشهاد أو إملاء. وكالكتابة المستبينة غير المرسومة إذا وجدت نية أو كان معها إشهاد عليها أو إملاء على الغير ليكتبها مما ينفى احتمال التجربة أو اللهو.

أما اذا لم يوجد معها شئ من ذلك فلا يعمل بها لقيام الاحتمال وكذلك إذا قضت العادة بأنه لا يكتب إلا على سبيل الجدية وجرى العرف باعتباره حجة كما فى دفاتر السمسار والتاجر والصراف، وما يكتبه الأمراء والكبراء ممن يتعذر الإشهاد عليهم من سندات وصكوك، ويعترفون بها أو يعدهم الناس مكابرين حين ينكرونها أو توجد بعد موتهم فإنها تكون حجة عليهم ويعمل بها.

وكذلك من توجد فى صندوقه صرة مكتوب عليها هذه أمانة فلان الفلانى يؤخذ بها لأن العادة تقضى بأن الشخص لا يكتب ذلك علي ملكه.

وقالوا: إن ما ينبغى فيه الاحتمالان معا يكون حجة ويعمل به كما فى سجلات القضاة المحفوظة عند الأمناء ولو كانت حديثة العهد، فإنه يؤخذ بما فيها من أقوال الخصوم وشهادة الشهود ويحكم بها ويعتمد عليها فى ثبوت وشروط‍ ومصارف الأوقاف المنقطعة الثبوت المجهولة الشرائط‍ والمصارف وكما فى البراءات، والقرارات السلطانية المتعلقة بالوظائف فإنها تعتبر حجة فيما تضمنته واشتملت عليه، إذ العرف جرى باعتبارها من أقوى الحجج والأدلة لبعدها عن احتمال التزوير والتجربة واللهو.

أما الكتابة غير المستبينة أصلا فهى لغو ولا أثر لها (١).

[مذهب المالكية]

قال فى الجواهر: لا يعتمد على الخط‍ لإمكان التزوير فيه، وإذا وجد فى ديوانه حكما بخطه ولم يتذكره لا يعتمد عليه لإمكان التزوير، ولو شهد به عنده شاهدان فلم يذكر.

قال القاضى أبو محمد: ينفذ الحكم بشهادتهما، أى لا يعتمد على المدون، وما وجد فى ديوان القاضى من شهادات الناس لا يعتمد القاضى منه إلا ما دونه بخطه أو بخط‍ كاتبه العدل المأمون إذا لم يستنكر فيه شيئا (٢).

ونقل ابن القيم فى الطرق الحكمية أن ابن وهب روى عن مالك فى الرجل يقوم فيذكر حقا قد مات شهوده ويأتى بشاهدين عدلين على خط‍ كاتب الخط‍، قال: تجوز شهادتهما على كاتب الكتاب إذا كان عدلا مع يمين الطالب، وهو قول ابن القاسم، وأنه يجوز عند مالك الشهادة على الوصية المختومة (٣).


(١) ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٤٧٨ وما بعدها، وص ٥٤٦ وما بعدها.
(٢) التبصرة ج‍ ١ ص ٣٨ وج‍ ٢ ص ٥٠.
(٣) الطرق الحكمية ص ٢٤٤ وما بعدها.