للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتاب الله فهو باطل ومن هذا استئجار دار مكتراة أو عبد مستأجر أو دابة مستأجرة أو عمل مستأجر أو غير ذلك كذلك قبل تمام الاجارة التى هو مشغول فيها لأن فى هذا العقد اشتراط‍ تأخير قبض الشئ المستأجر أو العمل المستأجر له وقد أجاز بعض الناس اجارة ما ذكرنا قبل انقضاء مدته باليومين ومنع عند الأكثر وهذا تحكم فاسد ودعوى باطلة بلا برهان وليس الا حراما فيحرم جملة أو الا حلالا فيحل جملة، وقالوا: هو فى المدة الطويلة غرر، فقلنا: وهو أيضا فى الساعة غرر، ولا فرق اذ لا يدرى أحد ما سيحدث بعد طرفة عين الا الله تعالى وأيضا فيكلفون الى تحديد المدة التى لا غرر فيها والمدة التى فيها غرر وأن يأتوا بالبرهان على ذلك والا فهم قائلون فى الدين ما لا علم لهم به فان تأخر كل ذلك بلا شرط‍ فلا بأس به (١).

[مذهب الشيعة الإمامية]

يملك المؤجر الأجرة بمجرد العقد مع خلوه من شرط‍ التعجيل أو التأجيل كما يملكها كذلك بالعقد مع اشتراط‍ التعجيل سواء أكان محل العقد منفعة فى الذمة أو منفعة عين معينة ولا يشترط‍ فى ذلك استيفاء المنفعة ولا مضى وقتها، واذا كانت الاجارة على عمل ملك المؤجر الأجر بالعقد أيضا وفى استحقاق قبضه قبل العمل نظر، واذا اشترط‍ تأجيل الأجر صح الشرط‍ أن يكون الأجل مضبوطا ولو شرطه منجما يوما بيوم أو شهرا بشهر مثلا جاز ولو خالف فى توقيت النجوم صح أيضا بشرط‍ الضبط‍ (٢).

[مذهب الإباضية]

ذهب الإباضية الى جواز تأجيل الأجر بشرط‍ أن يكون الأجل معلوما كما ذهبوا الى جواز الاجارة على أن يكون العمل والأجر الى أجل معلوم أو على أن يكون العمل الى أجل معلوم وأن يكون الأجر غير مؤجل بل ينقد فكل ذلك جائز على ما اتفق عليه العاقدان (٣) وجاء فى شرح النيل أيضا أن ما قيل من أن عدم قبض الأجر فى مجلس العقد يؤدى الى الشبه ببيع الدين بالدين، وأن ذلك يوجب بطلان العقد حينئذ نظر ضعيف للاجماع على جواز الاجارة بلا قبض ولم نر أحدا منعها أو أبطلها اذا لم يحدث فى المجلس قبض وفى الأثر من عمل بالاجارة الى أجل جاز ولو عمل ذهبا أو فضة بوزن من الذهب أو الفضة لأنه عمل لا يدخله الربا (٤):

[٥ - الاجارة - صفتها - حكمها]

الاجارة قد تكون صحيحة، وقد تكون غير صحيحة - فالصحيحة هى ما توافرت فيها جميع شروط‍ انعقادها وصحتها وكذلك شروط‍ نفاذها على ما ذهب اليه الشافعية ومن رأى رأيهم وغير الصحيحة خلافها، ومرد ذلك الى اختلاف اصطلاح الفقهاء فيما يعد صحيحا من العقود وما يعد غير صحيح منها فالحنفية ومن يرى رأيهم يرون أن العقد الصحيح هو ما كان سببا صالحا لترتب آثاره الشرعية عليه، وذلك عند ما يتحقق معناه وتسلم أركانه ومحله ولم يعرض له من الأوصاف ما يجعله منهيا عنه شرعا، وغير الصحيح ما كان على خلاف ذلك فأصابه الخلل بنقص بعض أركانه أو لعدم وجود


(١) المحلى ج‍ ٨ مسألة ١٢٩٠ ص ١٨٣.
(٢) تحرير الأحكام ج‍ ٢ ص ٢٥٣.
(٣) شرح النيل ج‍ ٥ ص ٤٩، ٥٠.
(٤) شرح النيل ج‍ ٥ ص ١٤٣.