للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واذا جمع الحالف فى المحلوف عليه بين اضافة الملك والاشارة بأن قال لا أكلم عبد فلان هذا أو لا أدخل دار فلان هذه أو لا أركب دابة فلان هذه أو لا ألبس ثوب فلان هذا فباع المالك عبده أو داره أو دابته أو ثوبه، ثم كلم الحالف هذا العبد بعد بيعه. أو دخل الدار، أو ركب الدابة، أو لبس الثوب لم يحنث فى قول أبى حنيفة الا أن يعنى غير ذلك الشئ خاصة

وعند محمد يحنث الا أن يعنى ما دامت ملكا لفلان.

فهما يعتبران الاشارة والاضافة جميعا وقت الفعل للحنث فما لم يوجدا لا يحنث لأن الحالف لما جمع بين الاضافة والاشارة لزم اعتبارهما ما أمكن لأن تصرف العاقل واجب الاعتبار ما أمكن وأمكن اعتبار الاضافة ههنا مع وجود الاشارة.

لأنه باليمين منع نفسه عن مباشرته المحلوف والظاهر أن العاقل لا يمنع نفسه عن شئ منعا مؤكدا باليمين لا لداع يدعوه اليه.

وهذه الأعيان لا تقصد بالمنع لذاتها بل لمعنى فى المالك أما الدار ونحوها فلا شك فيه وكذا العبد لأنه لا يقصد بالمنع لخسته وانما يقصد به مولاه وقد زال بزوال الملك عن المالك وصار كأنه قال مهما دامت لفلان ملكا.

ومحمد يعتبر الاشارة دون الاضافة.

وأما فى اضافة السبة فلا يشترط‍ قيام الاضافة وقت الفعل للحنث بالاجماع حتى لو حلف لا يكلم زوجة فلان هذا أو صديق فلان هذا فبانت زوجته منه أو عادى صديقه فكلم يحنث لأن الاضافة والاشارة كل واحد منهما للتعريف والاشارة أبلغ فى التعريف لأنها تخصص العين وتقطع الشركة فتلغو الاضافة كما فى اضافة النسبة (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل: أنه لو حلف أن لا يكلمه فأشار اليه فلا يحنث وقيل يحنث.

وذكر مالك وابن القاسم وابن حبيب وغيرهم أنه لو حلف لا يكلمه، فأشار اليه يحنث.

وسواء كان المحلوف عليه أصم أو سميعا ونص ما فى العتبية قال فى رجل حلف أن لا يكلم رجلا فأشار اليه بالسلام أو غيره فقال ما أرى الاشارة وأحب الى أن يترك ذلك وكأنه لم ير عليه حنثا ان فعل.

وقال ابن الماجشون انه حانث احتج بقوله تعالى: «أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً ٢» فجعل الرمز كلاما لأنه استثناء من الكلام.


(١) المرجع السابق ج ٣ ص ٧٨، ٧٩ الطبعة المتقدمة.
(٢) الآية رقم ٤١ من سورة آل عمران.