للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميقات اذا تمكن، والا كان حكمه حكم الناس فى الاحرام من مكانه اذا لم يتمكن الا منه وان تمكن من العود فى الجملة وجب، وذهب بعضهم الى أنه اذا كان مغمى عليه ينوب عنه غيره، قال فى القواعد: ولو لم يتمكن من نية الاحرام لمرض وغيره أحرم عنه وليه وجنبه ما يتجنبه المحرم، وحكى فى كشف اللثام ذلك عن الأحمدى، وفى الدروس: ولو جن فى الميقات أو أغمى عليه أحرم عنه وليه وجنبه ما يتجنبه المحرم. والظاهر أن المراد أن يحرمه رجل ويجنبه عن محرمات الاحرام الا أنه ينوب عنه فى الاحرام كما هو مذكور فى القواعد وغيرها أى يحرم به رجل فيتولى النائب والأفعال تكون من المنوب عنه اذ هو نظير قيام الطهارة بالنائب والصلاة بالمنوب عنه فان ذلك مما لا يقبل النيابة، ولذلك قال فى المدارك وقد بينا فيما سبق أن المراد بالاحرام عن غير المميز والمجنون والاحرام بهما لا كون الولى نائبا عنهما.

واقتضى هذا القول عدم وجوب العود الى الميقات بعد افاقته وان كان ممكنا ولكن العمل به مشكل فالأقوى العود مع الامكان وعدم الاكتفاء به مع عدمه.

[مذهب الإباضية]

جاء فى شرح النيل وشفاء العليل أن من أغمى عليه قاصدا للبيت هل يجزيه أن يهل عنه أصحابه أو لا يجزيه حتى يفعل هو؟ قال الربيع رحمه الله تعالى: من أم البيت فأغمى عليه فأهل عنه أصحابه ثم وقفوا به المناسك كلها أجزأه، ومن أرتد بعد الاحرام ثم أسلم فهو على احرامه، ومن ارتد قبل الغروب لم ينفعه وقوفه، وان ارتد بعده فخلاف والمختار أنه غير تام ان لم يزره (١) ومن أغمى عليه عشية عرفة أو سكر بعد الوقوف صح حجه، وقيل أن عليه الحج وكذا من حبس بعد الوقوف عن منى حتى مضت أيامها ومن سكر من أول الوقوف الى آخره فلا حج له وقيل له حج، ومن أفاض وأدرك بعضا فله حج اجماعا، والنوم كذلك فى كله ولزم الدم للنوم فى ذلك كله عند من يبطل الحج (٢). وان أغمى على الواقف بعد الزوال بعرفة أو وقع عليه مانع كجنون أو حبس بعد الوقوف فى بعض الزمان بعد الزوال حتى مضت أيام منى تم حجه ولا يخرج الى أهله مثلا حتى يزور، وان خرج ولم يصل أهله ولم يجامع فليرجع وان وصله أو جامع أعاد الحج ورخص بعض أن يلزمه دم (٣).

[أثر الاغماء فى عقد النكاح]

[مذهب الحنفية]

جاء فى تبيين الحقائق وحاشية الشلبى عليه أنه قيل أن الشرط‍ فى عقد النكاح حضور الشاهدين لاسماعهما، قال الكمال رحمه الله تعالى وهو قول جماعة منهم القاضى على السعدى ونقل عن أبواب الأمان من السير الكبير أنه يجوز وان لم يسمعوا وعلى هذا جوزه بحضور الأصمين والنائمين والصحيح اشتراط‍ السماع لأنه المقصود بالحضور. قال الزيلعى، ولو عقد بحضرة النائمين جاز على الأصح ولا ينعقد بحضور الأصمين على المختار، ولو عقد بحضرة السكارى صح اذا فهموا وان لم يذكروا بعد للصحو، ولو عقد بحضرة هنديين لم يفهما كلامهما لم يجز، وان سمع أحد الشاهدين فأعيد على الآخر فسمعه دون الآخر لم يصح الا فى رواية عن أبى يوسف رحمه الله تعالى استحسانا اذا اتحد المجلس ولو كان أحدهما أصم فأعاد عليه صاحبه حتى سمع لا يجوز ولو سمع أحدهما كلام الزوج والآخر كلام المرأة ثم أعيد فسمع الذى كان سمع كلام الزوج كلام المرأة وسمع الآخر كلام الزوج لا يجوز عند العامة، وقال أبو سهل رحمه الله تعالى ان اتحد المجلس يجوز وروى الشلبى عن


(١) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف أطفيش ج‍ ٢ ص ٢٦٩ طبع مطبعة محمد بن يوسف البارونى.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٣٦٨ نفس الطبعة.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٤٠٩ نفس الطبعة.